- اقتباس :
- السلام عليكم ..
ماهي شروط المكلفين بتوحيد الله عز وجل ؟
مع ذكر النصوص الدالة على ذلك
..
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد : ان العقل و الاحتلام من شروط التكليف و من بين النصوص الدالة على ذلك حديث رفع القلم عن ثلاث قال محمد شمس الحق العظيم آبادي : (عن حماد ) هو بن أبي سليمان ( رفع القلم عن ثلاثة ) قال السيوطي نقلا عن السبكي وقوله رفع القلم هل هو حقيقة أو مجاز فيه احتمالان الأول وهو المنقول المشهور أنه مجاز لم يرد فيه حقيقة القلم ولا الرفع وإنما هو كناية عن عدم التكليف ووجه الكناية فيه أن التكليف يلزم منه الكتابة كقوله كتب عليكم الصيام وغير ذلك ويلزم من الكتابة القلم لأنه آلة الكتابة فالقلم لازم للتكليف وانتفاء اللازم يدل على انتفاء ملزومه فلذلك كنى بنفي القلم عن نفي الكتابة وهي من أحسن الكنايات وأتى بلفظ الرفع إشعارا بأن التكليف لازم لبني آدم إلا هؤلاء الثلاثة وأن صفة الوضع ثابت للقلم لا ينفك عنه عن غير الثلاثة موضوعا عليه
والاحتمال الثاني أن يراد حقيقة القلم الذي ورد فيه الحديث أول ما خلق الله القلم فقال له أكتب فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فأفعال العباد كلها حسنها وسيئها يجري به ذلك القلم ويكتبه حقيقة وثواب الطاعات وعقاب السيئات يكتبه حقيقة وقد خلق الله ذلك وأمر بكتبه وصار موضوعا على اللوح المحفوظ ليكتب ذلك فيه جاريا إلى يوم القيامة وقد كتب ذلك وفرغ منه وحفظ وفعل الصبي والمجنون والنائم لا إثم فيه فلا يكتب القلم إثمه ولا التكليف به فحكم الله بأن القلم لا يكتب ذلك من بين سائر الأشياء رفع للقلم الموضوع للكتابة والرفع فعل الله تعالى فالرفع نفسه حقيقة والمجاز في شيء واحد وهو أن القلم لم يكن موضوعا على هؤلاء الثلاثة إلا بالقوة والنهي لأن يكتب ما صدر منهم فسمى منعه من ذلك رفعا فمن هذا الوجه يشارك هذا الاحتمال الأول وفيما قبله يفارقه ( حتى يستيقظ ) قال السبكي هو وقوله حتى يبرأ وحتى يكبر غايات مستقبلة والفعل المغيا بها قوله رفع ماض والماضي لا يجوز أن تكون غايته مستقبلة فلا تقول سرت أمس حتى تطلع الشمس غدا قال وجوابه بالتزام حذف أو مجاز حتى يصح الكلام فيحتمل أن يقدر رفع القلم عن الصبي فلا يزال مرتفعا حتى يبلغ أو فهو مرتفع حتى يبلغ فيبقى الفعل الماضي على حقيقته والمغيا محذوف به ينتظم الكلام ويحتمل أن يقال ذلك في الغاية وهي قوله حتى يبلغ أي إلى بلوغه فيشمل ذلك من كان صبيا فبلغ في ماض ومن هو صبي الآن ويبلغ في مستقبل ومن يصير صبيا ويبلغ بعد ذلك فهذه الحالات كلها في التقدير أما في التجوز في الفعل الثاني أو الفعل الأول أو الحذف راجعة إلى معنى واحد وهو الحكم برفع القلم للغاية المذكورة ...اهـ عون المعبود 12/48
و بالرجوع الى كتب اهل العلم تجد ان كلا من العقل و البلوغ شرطان في التكليف و ما اكثر النقول عنهم فليارجع
- اقتباس :
- و كيف يكون الجمع بين قوله صلى الله عليه و سلم رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي حتى يحتلم و عن المجنون حتى يعقل و بين الحديث حدثنا سليمان بن حدثنا حماد يعني ابن زيد عن ثابت عن انس أن غلاما من اليهود كان مرض فاتاه النبي صلى الله عليه و سلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له أسلم فنظر إلى أبيه و هو عند راسه فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأسلم فقام النبي صلى الله عليه و سلم و هو يقول الحمد لله الذي انقذه بي من النار؟؟؟
نستطيع العمل في هذه الحالة بكل الادلة دون طرح بعضها و لا اشكال في ذلك باذن الله تعالى و قد تقرر عند اهل العلم ان العمل بالدليلين اولى من اهمال احدهما و هذا عند تعارض النصوص في الظاهر و هذا ما لا تجده في نصوص الوحيين حقيقة لان الله سبحانه يقول:{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء 82 و اذا ما وجد تعارضا فيما يظهر لنا علمنا قطعا ان احد الدليلين اما ناسخ و الاخر منسوخا او مجملا و الاخر مفصلا او مطلقا و الاخر مقيدا او عاما و الاخر خاصا ... و الجمع مقدم على الترجيح و عليه فاننا اذا رجعنا الى الكلمة المشكلة –الغلام- تجد ان حل هذا الاشكال موجود في الكلمة نفسها بحيث ان العرب كانوا يطلقونها على المحتلم و غير المحتلم و بهذا تاتلف النصوص و لا تختلف و يزول الاشكال باذن الله تعالى قال ابن منظور : وبَلَغَ الغُلامُ احْتَلَمَ كأَنه بَلَغَ وقت الكتابِ عليه والتكليفِ ... اهـ لسان العرب 8/419 قال الشوكاني : فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله } أي الخضر ولفظ الغلام يتناول الشاب البالغ كما يتناول الصغير ... اهـ فتح القدير 3/432 و ذكر الحافظ في تفسيره : عن أبي في فضل آية الكرسي قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا مبشر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن أبي بن كعب أن أباه أخبره أنه كان له جرن فيه تمر قال : فكان أبي يتعاهده فوجده ينقص قال : فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبيه الغلام المحتلم قال : فسلمت عليه فرد السلام قال : فقلت : ما أنت ؟ جني أم أنسي ؟ قال : جني قال : ناولني يدك قال فناولني يده فإذا يد كلب وشعر كلب فقلت : هكذا خلق الجن قال : لقد علمت الجن ما فيهم أشد مني قلت : فما حملك على ما صنعت ؟ قال : بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من طعامك قال : فقال له أبي : فما الذي يجيرنا منكم ؟ قال : هذه الاية آية الكرسي ثم غدا إلى النبي فأخبره فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق الخبيث ] وهكذا رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي داود الطيالسي عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن محمد بن عمرو بن أبي بن كعب عن جده به وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . اهـ تفسير ابن كثير 1/409 وفي كتاب العرائس إن موسى لما قال للخضر : { أقتلت نفسا زكية } - الآية - غضب الخضر واقتلع كتف الصبي الأيسر وقشر اللحم عنه وإذا في عظم كتفه مكتوب : كافر لا يؤمن بالله أبدا وقد احتج أهل القول الأول بأن العرب تبقي على الشاب اسم الغلام ومنه قول ليلى الأخيلية :
( شفاها من الداء العضال الذي بها ... غلام إذا هز القناة سقاها )
وقال صفوان لحسان :
( تلق ذباب السيف عني فإنني ... غلام إذا هوجيت لست بشاعر )
وفي الخبر إن هذا الغلام كان يفسد في الأرض ويقسم لأبويه أنه ما فعل فيقسمان على قسمه ويحميانه ممن يطلبه قالوا وقوله : { بغير نفس } يقتضي أنه لو كان عن قتل نفس لم يكن به بأس وهذا يدل على كبر الغلام وإلا فلو كان لم يحتلم لم يجب قتله بنفس وإنما جاز قتله لأنه كان بالغا عاصيا قال ابن عباس : كان شابا يقطع الطريق وذهب ابن جبير إلى أنه بلغ سن التكليف لقراءة أبي وابن عباس ( وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين ) والكفر والإيمان من صفات المكلفين ولا يطلق على غير مكلف إلا بحكم التبعية لأبويه وأبوا الغلام كانا مؤمنين بالنص فلا يصدق عليه اسم الكافر إلا بالبلوغ فتعين أن يصار إليه والغلام من الاغتلام وهو شدة الشبق . اهـ تفسير القرطبي 11/21 و عليه يجب حمل لفظ الغلام في الحديث على المحتلم المكلف لان الصبي او الغلام الغير محتلم غير مكلف و قد فصل القاضي ابي طالب الطرطوشي القول في ذلك حيث قال : الصبيان غير مكلفين و لا مخاطبين بالشريعة في الجلمة ثم هم قسمان : 1-قسم يعلم انه لا يتصور تكليفهم عقلا و ذلك في من هو رضيع منهم او فوق ذلك لوقوع العلم بانه لا يعقل شيئا . و التكليف مقتضاه الطاعة بالامتثال و لا يمكن ذلك الا بقصد الامتثال و شرط القصد العلم بالمقصود و الفهم للتكليف و ذلك مستحيل في الصبي الذي هذه حاله . و لهذا قال الله تعالى : {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً }النحل78 2- و قسم كان يمكن في العقل تكليفهم و لكن امتنع فيهم سمعا و ذلك من ادرك منهم حد التمييز و فوقه الى حين البلوغ فانه قد يتصور منهم فهم الخطاب فلا يمتنع تكليفهم من جهة العقل و انما الشرع منع من تكليفهم في ذلك السن و نصب له علامة ظاهرة و هي البلوغ . اهـ تحرير المقال في موازنة الاعمال 2/627 .وقال ابو محمد ابن حزم : من لم يبلغ ليس مكلفا ولا مخاطبا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة فذكر الصغير حتى يحتلم ... اهـ الفصل في الملل و النحل 4/33 اما ما قد يعترض به معترض من ان الصبي الغير محتلم مخاطب ببعض التكاليف كالصلاة لقوله صلى الله عليه و سلم : علموهم لسبع و اضربوهم عليها لعشر ففيه تكليف للاباء على تعليم ابنائهم وتاديبهم و ترويضهم على فعل الطاعات فالخطاب موجه للاباء لا للابناء و هو ما اشار الطرطوشي في كتابه تحرير المقال في موازنة الاعمال .