معنى البدعة
-----------
قال المحقق الإمام الشاطبى فى( الإعتصام) ما ملخصه : أصل مادة( بدع) للإختراع على غير مثال سابق ، ومنه قوله تعالى " بديع السموات والأرض " أى مخترعهما من غير مثال سابق
وقوله تعالى "قل ما كنت بدعا من الرسل " أى ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد، بل تقدمنى كثير من الرسل لأنهم كانوا يعجبون من إرساله إليهم وهو بشر مثلهم
ويقال إبتدع فلان بدعة إذ إبتدأ طريقة لم يسبق إليها وهذا أمر بديع يقال فى الشىء المستحسن الذى لا مثال له فى الحسن . ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة فإستخراجها للسلوك عليها هو الإبتداع ، وهيئتها هى البدعة ، وقد يسمى العمل المعمول على هذا الوجه بدعة
فالبدعة إذا هى عبارة عن " طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشريعة ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله سبحانه وتعالى " وهذا على رأى من لا يدخل العادات فى معنى البدعة ، وإنما يخصها بالعبادات .
وأما على رأى من أدخل الأعمال العادية فى معنى البدعة فيقول " البدعة طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشريعة ، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية "
وعرفها العلامة ( الشمنى ) بأنها
ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم أو عمل أو حال ، بنوع شبهة أو إستحسان وجعل دينا قويما وصراطا مستقيما .
وهو قريب من تعريف الشاطبى
والبدعة شرعا ليس لها إلا معنى واحد
وهو
ما أحدث بعد النبى صلى الله عليه وسلم على أنه دين وشرع بأن يجعل من الدين ما ليس منه ، بناء على تأويل وشبهة غير معتمد بها .
فالمبتدع مشرع ومتبع هواه ، وهو الذى إبتدع فى دين الله ، وقد جعل نفسه نظيرا ومضاهيا للشارع ، حيث شرع مع الشارع ، ورد قصد الشارع فى الانفراد بالتشريع وكفى بذلك ، فلا تكون البدعة على هذه الطريقة إلا مذمومة ، وليس كل مذموم محدث يقال له بدعة شرعا ، فمثل القتل والزنا وشرب الخمر حال ابتدعها مع اعتقاد حرمتها لا يقال لها بدعة .
أنواع البدع
--------------
أولا :: البدعة الواجبة
وهى ما تناولته قواعد الوجوب وأدلته من الشرع كجمع القرأن وتدوينه فى المصاحف وجمع الناس على المصاحف العثمانية ، وترك ما سوى ذلك من القراءات التى كانت مستعملة فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك جمع العلوم وتدوينها ، وكذلك الإشتغال بالعلوم التى يفهم بها كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وحفظ غريب الكتابة والسنة من اللغة والكلام فى الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم ، وكذلك تقرير قواعد الفنون الشرعية وبيان فروعها وأحكامها وتفسير القرأن والسنة ، وتدوين كل ذلك . وبالجملة كل ما حدث مما يرجع إلى حفظ الدين من ضياع أو تحريف : كالرد على أهل البدع والأهواء المحرمة كالقدرية والمجسمة ، فإن تبليغ الدين على من بعدنا واجب إجماعا وإهمال ذلك حرام كذلك ،
ثانيا : البدعة المندوبة :
وهى ما تناولته قواعد الندب وأدلته ، كصلاة التراويح على الهيئة المعروفة من مواظبة الناس عليها الشهر كله ، عشرين ركعة كل ليلة وإجتماعهم على قارىء واحد ، فإنها لم تكن كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبى بكر رضى الله عنه وصدر من خلافة عمر رضى الله عنه إلى أن تشاور فيها ورأها بدعة حسنة ، وقد روى عن على كرم الله وجهه أنه خرج أول ليلة من رمضان والقناديل تزهر فى المساجد وكتاب الله يتلى ، فجعل ينادى نور الله لك يا إبن الخطاب فى قبرك كما نورت مساجد الله بالقرأن .
ثالثا : البدعة المباحة .
وهى ما تناولته قواعد الإباحة وأدلتها من الشرع .
ومنها : إتخاذ المناخل للدقيق ( ففى الأثار ) أن أول من أحدث الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشياء : المناخل والشبع وغسل اليدين بالأشنان بعد الطعام والأكل على الموائد ، لأن تليين العيش وإصلاحه من المباحات فوسائله كذلك مباحة .
رابعا : البدعة المحرمة
وهى ما تناولته قواعد التحريم وأدلته من الشريعة
كالمكوس ، والمحدثات من المظالم ، والمحدثات المنافية لقواعد الشريعة : كتقديم الجهال على العلماء ، وتولية المناصب الشرعية من لا يصلح لها بطريق التوريث بعلة أن المنصب كان لأبيه وهو فى نفسه ليس بأهل ،
ومن البدع المحرمة : مذاهب أهل البدع المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة ، كمذهب الكرامية فى تجويزهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا أو ترهيبا ، والروافض فى قولهم بوجوب صوم يوم الشك من رمضان .
ومن البدع المحرمة أيضا : تلحين القرأن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربى
ومنها : ما أعتاده كثير من العجم يوم عاشوراء من الجزع والحزن والنوح واللطم .
ومنها : الإنتماء إلى جماعة من الدجالين يزعمون التصوف ، وهم يخالفون ما كان عليه مشايخ الطرق من الزهد والورع والوقوف عند حد الشرع ،
خامسا : البدعة المكروهة
وهى ما تناولته قواعد الكراهة وأدلتها من الشرع
ومنها : تخصيص الأيام الفاضلة أو غيرها بنوع من العبادة ، إذ ليس لأحد أن يحدث شعارا دينيا من قبل نفسه ، وشأن العبادة إذا إلتزمت فى وقت مخصوص أن تكون من شعائره .
ومنها : الزيادة فى المندوبات المحدودات شرعا كما ورد فى التسبيح عقب الصلوات ثلاثة وثلاثين فيفعل مائة ، وورد صاع فى صدقة الفطر فيجعل عشرة أصواع ، بسبب أن الزيادة فيها إظهار الأستظهار على الشارع وقلة أدب معه ،
ومنها : زخرفة المساجد وتزويق المصاحف بغير الذهب والفضة .
ومنها : أخذ الفأل من المصحف .