بسم الله الرحمن الرحيم
أصل دين الإسلام :
ـ قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى معرِّفاً الإسلام بقوله : ( أصل دين الإسلام ، وقاعدته : أمران ؛ الأول : الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ، والتحريض على ذلك ، والموالاة فيه ، وتكفير من تركه . الثاني : الإنذار عن الشرك في عبادة الله ، والتغليظ في ذلك ، والمعاداة فيه ، وتكفير من فعله ) .
ـ وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى : ( وأصل الإسلام ، وأساسه أن ينقاد العبد لله تعالى بالقلب والأركان ، مذعناً له بالتوحيد ، مفرداً له بالإلهية والربوبيه دون كل ما سِواه ، مُقدِّماً مُراد ربِّه على كل ما تحبه نفسه وتهواه ) .
ـ وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : ( اعلم رحمك الله : أن دين الله يكون على القلب بالاعتقاد ، وبالحب والبغض ، ويكون على اللِسان بالنطق وترك النطق بالكفر ، ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام ، وترك الأفعال التي تُكفر ، فإذا اختل واحدة من هذه الثلاث ، كفر وارتد ) .
النطق بكلمة التوحيد من غير علم بمعناها ولا عمل بمقتضاها غير نافع بالإجماع :
ـ قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله تعالى : ( قوله : (( من شهد أن لا إله إلاَّ الله )) ، أي : من تكلم بهذه الكلمة عارفاً لمعناها ، عاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً ، كما دل عليه قوله : { فاعلم أنه لا إله إلاَّ الله } [ محمد / 19 ] ، وقوله :{ إلاَّ من شهد بالحق وهم يعلمون } [ الزخرف / 86 ] أمـا النطق بها من غير معـرفة لمعنــاها ولا عمل بمقتضـاها ، فإن ذلك غــير نــافع بالإجماع …فتباً لمن كان أبو جهل ورأس الكفر من قريش وغيرهم أعلم منه بـ : (( لا إله إلاَّ الله )) )
ـ وقال عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في شرحه لكتاب التوحيد : ( فمن قالها ـ أي لا إله إلاَّ الله ـ وعمل بها صدقاً وإخلاصاً ، وقبولاً ومحبةً وانقياداً ، أدخله الله الجنّة على ما كان من العمل ) .
ـ وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : ( فإذا عرفت أن جُهال الكُفار يعرفون ذلك ، فالعجب ممن يدعي الإسلام ، وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جُهال الكفار ، بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها ، من غير اعتقاد القلب ، بشيء من المعاني ؛ والحاذق منهم ، يظن : أن معناها لا يخلق ، ولا يرزق ، ولا يُحيي ، ولا يُميت ، ولا يُدبر الأمر إلاَّ الله ، فلا خير في رجل جُهال الكفار أعلم منه بمعنى لا إله إلاَّ الله ) .
ـ وقال رحمه الله : ( لا خلاف بين الأمة أن التوحيد لابُد أن يكون بالقلب الذي هو : العلم ، واللسان الذي
هو : القول ، والعمل الذي هو : تنفيذ الأوامر والنواهي ؛ فإن أخل بشيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً . فإن أقرَّ بالتوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون ، وإبليس ، وأن عمل بالتوحيد ظاهراً وهو لا يعتقده باطناً فهو منافق خالصاً ، أشر من الكافر ) .
ـ وقال رحمه الله : ( اعلم رحمك الله ، أن معنى لا إله إلاَّ الله نفي وإثبات ، تنفي أربعة أنواع وتُثبت أربعة أنواع : تنفي الالهة ، والطواغيت ،والأنداد ، والأرباب . فالالهة : ما قصدته بشيء من جلب خير أو دفع ضر فأنت متَّخذه إلهاً . والطواغيت : من عُبد وهو راضٍ أو رُشِح للعبادة ، مثل السمان أو تاج أو أبي حديدة . والأنداد : ما جذبك عن دين الإسلام من أهل أو مسـكن أو عشيرة أو مال ، فهو ندّ لقـوله تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يُحبونهم كحب الله } [ البقرة / 165 ] . والأرباب : من أفتاك بمخالفة الحق وأطعته ، مصداقاً لقوله تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أُمِروا إلاَّ ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلاَّ هو سبحانه عمّا يُشرِكون } [ التوبة / 31 ] .
وتثبت أربعة أنواع : القصد ، وهو كونك ما تقصد إلاَّ الله والتعظيم والمحبة لقوله عزّ وجلّ : { والذين آمنوا أشدُ حباً لله } [ البقرة / 165 ] ، والخوف والرجاء ، لقوله تعالى : { وإن يمسسك الله بِضر فلا كاشف لهُ إلاَّ هو وإن يُردك بخير فلا راد لفضله يُصيبُ به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم } [ يونس / 107 ] .
فمن عرف هذا قطع العلاقة مع غير الله ، ولا تكبُر عليه : جهامة الباطل ، كما أخبر الله عن إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام بتكسيره الأصنام وتبرِّيه من قومه لقوله تعالى : { قد كانت لكم أُسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا بُرءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم } الآية [ الممتحنة / 4 ] ) .
ـ وقال الشيخ سليمان بن عبد الله يرحمه الله : ( ولا ريب أنه لو قالها أحد من المشركين ـ أي لا إله إلاَّ الله ـ ونطق أيضاً بشهادة أن محمداً رسول الله ، ولم يعرف معنى الإله ولا معنى الرسول ، وصلى ، وصام ، وحج ، ولا يدري ما ذاك إلاَّ أنه رأى الناس يفعلونه ، فتابعهم ولم يفعل شيء من الشرك ، فإنه لا يشك أحد في عدم إسلامه ، وقد أفتى بذلك فقهاء المغرب كلهم في أول القرن الحادي عشر أو قبله ، في شخص كان كذلك ، كما ذكره صاحب (( الدُر الثمين في شرح المرشد المُعين )) من المالكية ، ثم قال شارحه : وهذا الذي أفتوا به جليّ في غاية الجلاء ، لا يمكن أن يختلف فيه اثنان . انتهى )