قال محمد الشيباني في السير الكبير: (وَلَوْ اسْتَوْدَعَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا شَيْئًا وَأَذِنَ لَهُ إنْ غَابَ أَنْ يُخْرِجَهُ مَعَهُ فَارْتَدَّ الْمُودَعُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ , فَلَحِقَهُ صَاحِبُهُ وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَمَنَعَهُ وَاخْتَصَمَا فِيهِ إلَى سُلْطَانِ تِلْكَ الْبِلَادِ , فَقَصَرَ يَدَ الْمُسْلِمِ عَنْهُ , ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ فَالْوَدِيعَةُ لِلْمُودِعِ لَا سَبِيلَ لِصَاحِبِهَا عَلَيْهَا ) .
و يقول : ( لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ , ثُمَّ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا , وَ جَحَدَهُ , فَاخْتَصَمَا إلَى سُلْطَانِ تِلْكَ الْبِلَادِ , فَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ , ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ , وَالرَّجُلَانِ مُسْلِمَانِ عَلَى حَالِهِمَا , فَالْمَغْصُوبُ مَرْدُودٌ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ . لِأَنَّ رَدَّ الْعَيْنِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْغَاصِبِ , بِحُكْمِ اعْتِقَادِهِ , فَإِسْلَامُ أَهْلِ الدَّارِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا وَكَادَةً , وَبِقُوَّةِ سُلْطَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْمُسْلِمُ لَا يَصِيرُ مُحْرِزًا مَالَ الْمُسْلِمِ , وَلَا مُتَمَلِّكًا ; لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا فِي دَار الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُتَمَلِّكًا بِحُكْمِ سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ , فَكَيْفَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا بِحُكْمِ سُلْطَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ ) .
و يقول ( قَالَ : وَ لَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَغَصَبَهُ حَرْبِيٌّ مَالًا ثُمَّ أَسْلَمُوا , أَوْ صَارُوا ذِمَّةً...... فَإِنْ اخْتَصَمَا إلَى مَلِكِهِمْ فَجَحَدَ الْغَاصِبُ وَقَالَ : هَذَا مِلْكِي , مَا أَخَذْته مِنْهُ , فَأَقَرَّهُ مَلِكُهُمْ فِي يَدِهِ , حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْلِمُ بِحُجَّةٍ , ثُمَّ أَسْلَمُوا , فَذَلِكَ سَالِمٌ لِلْغَاصِبِ . لِأَنَّ إحْرَازَهُ فِيهِ قَدْ تَمَّ بِتَقْرِيرِ مَلِكِهِمْ لِيَدِهِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ ) .
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
من الشبه التي يحتج بها من يجيز التحاكم إلى الطاغوت و يشبه بها على الناس و هذا هو دأب أهل الزيغ والضلال فإنهم يتركون المحكم من كتاب الله تعالى و يتمسكون بالمتشابه و هذا المتشابه ليس متشابه في كتاب الله لكنه متشابه في كلام من ليس بمعصوم يحتج بأقوال بعض أهل العلم في صور ليست من التحاكم إلى الطاغوت من أجل تجويز التحاكم إلى الطاغوت و كلامهم مع أنهم غير معصومين و لا حجة فيه كلام مشتبه قال تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
و في صحيح البخاري عن عائشة، رضي الله عنها، قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: { هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ [هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ] } إلى قوله: { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ } قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فإذا رأيتَ الذين يتَّبِعُون ما تشابه منه فأولئك الذين سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ" .
فإذا كان من يتبع المتشابه من كتاب الله يجب الحذر منه لأنه من أهل الزيغ و الضلال مع أن كتاب الله حجة على جميع الخلق لكن المتشابه في المعنى لا يجوز اتباعه و من يتبعه من أهل الزيغ و الضلال فكيف بمن يتبع كلام أهل العلم المشتبه الذي يجمع بين عدم الحجة و الاشتباه فهو من جهة الاحتجاج فإن كلام أهل العلم لا يحتج به بإجماع أهل العلم فالحجة في الكتاب و السنة و الإجماع قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله :
( و ليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولا عاما يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته ، دقيق و لا جليل ، فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول و على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله و يترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم و لكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه . ) .
و قال رحمه الله :
( قد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن الله سبحانه وتعالى فرض على الخلق طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يوجب على هذه الأمة طاعة أحد بعينه في كل ما يأمر به وينهى عنه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان صديق الأمة وأفضلها بعد نبيها يقول: أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم. واتفقوا كلهم على أنه ليس أحد معصوما في كل ما يأمر به وينهى عنه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال غير واحد من الأئمة: كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ) .
فسقط الاحتجاج بكلام العلماء المجرد عن الدليل حتى لو لم يعارضه معارض فلو فرض أنه ليس هناك أي معارض من الكتاب و السنة لكلام الشيباني هذا فلا يدل مجرد سياق هذا الكلام أنه حق فلا بد أن يكون هناك دليل يدل على صحة هذا الكلام فإن كلام من كان كلامه ليس بحجة لا بد من مرجح يدل على صحة كلامه و هذا بإجماع العقلاء و إلا كان ترجيحا بالتشهي و ليس بالدليل و للزم صحة قول كل أحد لأنه رجحه حتى لو كان من غير مرجح حتى المتناقضات يلزم عند الاحتجاج بكلام من كلامه ليس بحجة أنهما ليس بمتناقضات فلو قال أحدهم قول و قال الأخر نقيضه يصح النقيضان على هذا الأصل و هذا مما يبين بطلان الاحتجاج بكلام أهل العلم المجرد حتى لو لم يكن لكلامهم معارض من الكتاب و السنة فكيف إذا ثبت بنصوص الكتاب و السنة أن التحاكم لا يكون إلا للكتاب و السنة عند التنازع و أن من تحاكم إلى غير حكم الله تعالى فقد تحاكم إلى الطاغوت و أن من تحاكم إلى الطاغوت لم يكفر به {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء60
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة50
{أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }الأنعام114
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ }الرعد37
{قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }الأنعام57
{مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف40
{وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ }يوسف67
في سنن أبو دواد عن شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ فَقَالَ إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَا لَكَ مِنْ الْوَلَدِ قَالَ لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ قُلْتُ شُرَيْحٌ قَالَ فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ ) .
و في الصحيح عن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) .
فالذي يتحاكم إلى من لا يحكم بما أنزل الله فقد تحاكم إلى الطاغوت و من تحاكم إلى الطاغوت لم يكفر به و الكفر بالطاغوت هو ركن الإيمان فمن لم يكفر بالطاغوت لا يكون مؤمن {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
فهذا هو الأصل المحكم الذي ثبت بنصوص الكتاب و السنة و الإجماع فمن حاكم إلى التوراة و الإنجيل يكفر بإجماع المسلمين فكيف بمت تحاكم إلى أهواء البشر .
فأقصى ما يفيده كلام الشيباني أنه كلام غير محكم تخالفه نصوص الكتاب و السنة و الإجماع فالذي يجب على المسلم أن يكل ما يريد به الشيباني إلى مراد يقصده الشيباني فإن كلام الله تعالى المتشابه أسقط الله تعالى الاحتجاج به فمن باب أولى أن يسقط الاحتجاج بكلام من ليس حجة في ذاته ككلام العلماء قال تعالى ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ) فأهل الزيع يتبعون المتشابه من الكتاب و السنة و كلام أهل العلم و الراسخون إذا يكلون علم هذا المتشابه إلى الله تعالى و هذه الآية تبين الله سبيل المؤمنين في التعامل مع المتشابه من كلام الله تعالى فإنهم يكلون علمه إلى الله تعالى و يؤمنون بجميع كلام الله و لا يضربون بعضه ببعض فالمحكم يؤمنون به و يعملون به و المتشابه يؤمنون به و يكلون المراد منه إلى الله و لا يتمسكون بالمتشابه و يعرضون عن المحكم و في هذه الآية تنبيه أن التشابه لا بد أن يقع في بعض الآيات فإذا كان التشابه قد يقع في كلام الله فمن باب أولى أن يقع في كلام غيره فإن كلام أهل العلم تبع لذواتهم التي يعتريها الجهل و النسيان و الأهواء و الشهوات قال تعالى {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82
كما أن كلام الله تعالى تبع لذاته التي لها كمال الأسماء و الصفات {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42