منتدى التوحيد الخالص
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

بسم الله الرحمن الرحيم

نعلن لكافة أعضاء وزوار المنتدى أنه قد تم بفضل الله افتتاح

منتدى التوحيد الخالص

في نسخة جديدة ومطورة، والذي سيوفر إن شاء الله لرواده تسهيلات إضافية لاحتوائه على امتيازات وخصائص حديثة أفضل من سابقه

وقد تم اختيار إحدى أفضل الشركات العالمية المتخصصة لرفع المنتدى وضمان أفضل خدمة لرواده إن شاء الله تعالى

ولذلك نرجو من الجميع التسجيل بنفس الأسماء في المنتدى الجديد
www.twhed.com/vb






 

 توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أبو حزيفة
عضو نشيط



عدد الرسائل : 29
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف Empty
مُساهمةموضوع: توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف   توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف I_icon_minitimeالإثنين 13 يوليو - 8:14

قال محمد الشيباني في السير الكبير: (وَلَوْ اسْتَوْدَعَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا شَيْئًا وَأَذِنَ لَهُ إنْ غَابَ أَنْ يُخْرِجَهُ مَعَهُ فَارْتَدَّ الْمُودَعُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ , فَلَحِقَهُ صَاحِبُهُ وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَمَنَعَهُ وَاخْتَصَمَا فِيهِ إلَى سُلْطَانِ تِلْكَ الْبِلَادِ , فَقَصَرَ يَدَ الْمُسْلِمِ عَنْهُ , ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ فَالْوَدِيعَةُ لِلْمُودِعِ لَا سَبِيلَ لِصَاحِبِهَا عَلَيْهَا ) .
و يقول : ( لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ , ثُمَّ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا , وَ جَحَدَهُ , فَاخْتَصَمَا إلَى سُلْطَانِ تِلْكَ الْبِلَادِ , فَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ , ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ , وَالرَّجُلَانِ مُسْلِمَانِ عَلَى حَالِهِمَا , فَالْمَغْصُوبُ مَرْدُودٌ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ . لِأَنَّ رَدَّ الْعَيْنِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْغَاصِبِ , بِحُكْمِ اعْتِقَادِهِ , فَإِسْلَامُ أَهْلِ الدَّارِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا وَكَادَةً , وَبِقُوَّةِ سُلْطَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْمُسْلِمُ لَا يَصِيرُ مُحْرِزًا مَالَ الْمُسْلِمِ , وَلَا مُتَمَلِّكًا ; لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا فِي دَار الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُتَمَلِّكًا بِحُكْمِ سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ , فَكَيْفَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا بِحُكْمِ سُلْطَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ ) .
و يقول ( قَالَ : وَ لَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَغَصَبَهُ حَرْبِيٌّ مَالًا ثُمَّ أَسْلَمُوا , أَوْ صَارُوا ذِمَّةً...... فَإِنْ اخْتَصَمَا إلَى مَلِكِهِمْ فَجَحَدَ الْغَاصِبُ وَقَالَ : هَذَا مِلْكِي , مَا أَخَذْته مِنْهُ , فَأَقَرَّهُ مَلِكُهُمْ فِي يَدِهِ , حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْلِمُ بِحُجَّةٍ , ثُمَّ أَسْلَمُوا , فَذَلِكَ سَالِمٌ لِلْغَاصِبِ . لِأَنَّ إحْرَازَهُ فِيهِ قَدْ تَمَّ بِتَقْرِيرِ مَلِكِهِمْ لِيَدِهِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ ) .



الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

من الشبه التي يحتج بها من يجيز التحاكم إلى الطاغوت و يشبه بها على الناس و هذا هو دأب أهل الزيغ والضلال فإنهم يتركون المحكم من كتاب الله تعالى و يتمسكون بالمتشابه و هذا المتشابه ليس متشابه في كتاب الله لكنه متشابه في كلام من ليس بمعصوم يحتج بأقوال بعض أهل العلم في صور ليست من التحاكم إلى الطاغوت من أجل تجويز التحاكم إلى الطاغوت و كلامهم مع أنهم غير معصومين و لا حجة فيه كلام مشتبه قال تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7

و في صحيح البخاري عن عائشة، رضي الله عنها، قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: { هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ [هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ] } إلى قوله: { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ } قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فإذا رأيتَ الذين يتَّبِعُون ما تشابه منه فأولئك الذين سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ" .

فإذا كان من يتبع المتشابه من كتاب الله يجب الحذر منه لأنه من أهل الزيغ و الضلال مع أن كتاب الله حجة على جميع الخلق لكن المتشابه في المعنى لا يجوز اتباعه و من يتبعه من أهل الزيغ و الضلال فكيف بمن يتبع كلام أهل العلم المشتبه الذي يجمع بين عدم الحجة و الاشتباه فهو من جهة الاحتجاج فإن كلام أهل العلم لا يحتج به بإجماع أهل العلم فالحجة في الكتاب و السنة و الإجماع قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله :

( و ليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولا عاما يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته ، دقيق و لا جليل ، فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول و على أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله و يترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم و لكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه‏ . )‏ .



و قال رحمه الله :

( قد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن الله سبحانه وتعالى فرض على الخلق طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يوجب على هذه الأمة طاعة أحد بعينه في كل ما يأمر به وينهى عنه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان صديق الأمة وأفضلها بعد نبيها يقول‏:‏ أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم‏.‏ واتفقوا كلهم على أنه ليس أحد معصوما في كل ما يأمر به وينهى عنه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال غير واحد من الأئمة‏:‏ كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏. ) .

فسقط الاحتجاج بكلام العلماء المجرد عن الدليل حتى لو لم يعارضه معارض فلو فرض أنه ليس هناك أي معارض من الكتاب و السنة لكلام الشيباني هذا فلا يدل مجرد سياق هذا الكلام أنه حق فلا بد أن يكون هناك دليل يدل على صحة هذا الكلام فإن كلام من كان كلامه ليس بحجة لا بد من مرجح يدل على صحة كلامه و هذا بإجماع العقلاء و إلا كان ترجيحا بالتشهي و ليس بالدليل و للزم صحة قول كل أحد لأنه رجحه حتى لو كان من غير مرجح حتى المتناقضات يلزم عند الاحتجاج بكلام من كلامه ليس بحجة أنهما ليس بمتناقضات فلو قال أحدهم قول و قال الأخر نقيضه يصح النقيضان على هذا الأصل و هذا مما يبين بطلان الاحتجاج بكلام أهل العلم المجرد حتى لو لم يكن لكلامهم معارض من الكتاب و السنة فكيف إذا ثبت بنصوص الكتاب و السنة أن التحاكم لا يكون إلا للكتاب و السنة عند التنازع و أن من تحاكم إلى غير حكم الله تعالى فقد تحاكم إلى الطاغوت و أن من تحاكم إلى الطاغوت لم يكفر به {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء60

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة50

{أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }الأنعام114

{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ }الرعد37

{قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }الأنعام57

{مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف40

{وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ }يوسف67

في سنن أبو دواد عن شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ فَقَالَ إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَا لَكَ مِنْ الْوَلَدِ قَالَ لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ قَالَ فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ قُلْتُ شُرَيْحٌ قَالَ فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ ) .

و في الصحيح عن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) .

فالذي يتحاكم إلى من لا يحكم بما أنزل الله فقد تحاكم إلى الطاغوت و من تحاكم إلى الطاغوت لم يكفر به و الكفر بالطاغوت هو ركن الإيمان فمن لم يكفر بالطاغوت لا يكون مؤمن {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256

فهذا هو الأصل المحكم الذي ثبت بنصوص الكتاب و السنة و الإجماع فمن حاكم إلى التوراة و الإنجيل يكفر بإجماع المسلمين فكيف بمت تحاكم إلى أهواء البشر .

فأقصى ما يفيده كلام الشيباني أنه كلام غير محكم تخالفه نصوص الكتاب و السنة و الإجماع فالذي يجب على المسلم أن يكل ما يريد به الشيباني إلى مراد يقصده الشيباني فإن كلام الله تعالى المتشابه أسقط الله تعالى الاحتجاج به فمن باب أولى أن يسقط الاحتجاج بكلام من ليس حجة في ذاته ككلام العلماء قال تعالى ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ) فأهل الزيع يتبعون المتشابه من الكتاب و السنة و كلام أهل العلم و الراسخون إذا يكلون علم هذا المتشابه إلى الله تعالى و هذه الآية تبين الله سبيل المؤمنين في التعامل مع المتشابه من كلام الله تعالى فإنهم يكلون علمه إلى الله تعالى و يؤمنون بجميع كلام الله و لا يضربون بعضه ببعض فالمحكم يؤمنون به و يعملون به و المتشابه يؤمنون به و يكلون المراد منه إلى الله و لا يتمسكون بالمتشابه و يعرضون عن المحكم و في هذه الآية تنبيه أن التشابه لا بد أن يقع في بعض الآيات فإذا كان التشابه قد يقع في كلام الله فمن باب أولى أن يقع في كلام غيره فإن كلام أهل العلم تبع لذواتهم التي يعتريها الجهل و النسيان و الأهواء و الشهوات قال تعالى {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82

كما أن كلام الله تعالى تبع لذاته التي لها كمال الأسماء و الصفات {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حزيفة
عضو نشيط



عدد الرسائل : 29
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف Empty
مُساهمةموضوع: رد: توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف   توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف I_icon_minitimeالإثنين 13 يوليو - 8:15

لأنه تنزيل من حكيم حميد فإنه لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه فلما كان هذا القرآن من عند الله فإنه لا تناقض و لا يختلف لكن قد يقع الاشتباه على بعضهم في بعض الآيات فبين الله لنا الطريق الصحيح عند وجود التشابه في بعض الآيات و هو التمسك بالمحكم و توكيل معنى المتشابه إلى الله تعالى قال شيخ الإسلام ( فهذا فعل من يعارض النصوص بعضها ببعض ليوقع الفتنة ـ وهي الشك والريب ـ في القلوب، كما روي أنه خرج على القوم وهم يتجادلون في القدر، هؤلاء يقولون‏:‏ ألم يقل الله كذا‏؟‏ وهؤلاء يقولون‏:‏ ألم يقل الله كذا‏؟‏ فكأنما فقئ في وجهه حب الرمان، ثم قال‏:‏ ‏(‏أبهذا أمرتم أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ‏؟‏ انظروا ما أمرتم به فافعلوه‏)‏‏.‏
فكل من اتبع المتشابه على هذا الوجه فهو مذموم‏.‏ وهو حال من يريد أن يشكك الناس فيما علموه لكونه وإياهم لم يفهموا ما توهموا أنه يعارضه‏.‏ هذا أصل الفتنة ـ أن يترك المعلوم لغير معلوم‏.‏ كالسفسطة التي تورث شبها يقدح بها فيما علم وتيقن‏.‏ فهذه حال من يفسد قلوب الناس وعقولهم بإفساد ما فيها من العلم والعمل ـ أصل الهدي، فإذا شككهم فيما علموه بقوا حيارى‏.‏
والرسول صلى الله عليه وسلم قد أتي بالآيات البينات الدالة على صدقه، والقرآن فيه الآيات المحكمات اللاتي هي أم الكتاب قد علم معناها وعلم أنها حق،وبذلك يهتدي الخلق وينتفعون‏.‏
فمن اتبع المتشابه ابتغي الفتنة وابتغي تأويله ـ والأول قصدهم فيه فاسد، والثاني ليسوا من أهله، بل يتكلمون في تأويله بما يفسد معناه إذ كانوا ليسوا من الراسخين في العلم‏.‏
وإنما الراسخ في العلم الذي رسخ في العلم بمعني المحكم، وصار ثابتا فيه لا يشك ولا يرتاب فيه بما يعارضه من المتشابه، بل هو مؤمن به، قد يعلمون تأويل المتشابه‏.‏
وأما من لم يرسخ في ذلك بل إذا عارضه المتشابه شك فيه فهذا يجوز أن يراد بالمتشابه ما يناقض المحكم، فلا يعلم معني المتشابه، إذ لم يرسخ في العلم بالمحكم‏.‏ وهو يبتغي الفتنة في هذا وهذا‏.‏ فهذا يعاقب عقوبة تردعه، كما فعل عمر بصَبِيغ‏.‏
وأما من قصده الهدي والحق، فليس من هؤلاء‏.‏ وقد كان عمر يسأل ويسأل عن معاني الآيات الدقيقة، وقد سأل أصحابه عن قوله‏:‏ ‏{‏إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ‏}‏ ‏[‏النصر‏:‏ 1‏]‏، فذكروا ظاهر لفظها‏.‏ ولما فسرها ابن عباس بأنها إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بقرب وفاته قال‏:‏ ما أعلم منها إلا ما تعلم‏.‏ ) .


و قال رحمه الله ( و لهذا وصف من عدا هؤلاء بالعلم و الإيمان و الإخبات‏ .‏ و في قوله‏:‏ ‏{‏وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏54‏]‏ دليل على أن العلم يدل على الإيمان ، ليس أن أهل العلم ارتفعوا عن درجة الإيمان ـ كما يتوهمه طائفة من المتكلمة ـ بل معهم العلم والإيمان، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏162‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ‏}‏ الآية ‏[‏الروم‏:‏56‏]‏‏.‏
وعلى هذا فقوله‏:‏‏{‏وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏7‏]‏ نظير هذه الآية‏.‏ فإنه أخبر هنا أن الذين أوتوا العلم يعلمون أنه الحق من ربهم، وأخبر هناك أنهم يقولون في المتشابه‏:‏ ‏{‏آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا‏}‏، وكلا الموضعين موضع ريب وشبهة لغيرهم؛ فإن الكلام هناك في المتشابه، وهنا فيما يلقي الشيطان مما ينسخه اللّه ثم يحكم اللّه آياته، وجعل المحكم هنا ضد الذي نسخه اللّه مما ألقاه الشيطان؛ ولهذا قال طائفة من المفسرين المتقدمين‏:‏ إن ‏[‏المحكم‏]‏ هو الناسخ، و‏[‏المتشابه‏]‏ المنسوخ‏.‏ أرادوا ـ واللّه أعلم ـ قوله‏:‏ ‏{‏فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏52‏]‏، والنسخ هنا رفع ما ألقاه الشيطان لا رفع ما شرعه اللّه‏ .‏
و قد أشرت إلى وجه ذلك فيما بعد ، و هو ‏:‏ أن اللّه جعل المحكم مقابل المتشابه تارة ، و مقابل المنسوخ أخرى‏ .‏ و المنسوخ يدخل فيه في اصطلاح السلف ـ العام ـ كل ظاهر ترك ظاهره لمعارض راجح، كتخصيص العام وتقييد المطلق؛ فإن هذا متشابه؛ لأنه يحتمل معنيين، ويدخل فيه المجمل فإنه متشابه، وإحكامه رفع ما يتوهم فيه من المعنى الذي ليس بمراد، وكذلك ما رفع حكمه، فإن في ذلك جميعه نسخًا لما يلقيه الشيطان في معاني القرآن؛ ولهذا كانوا يقولون‏:‏ هل عرفت الناسخ من المنسوخ‏؟‏ فإذا عرف الناسخ عرف المحكم‏.‏ وعلى هذا فيصح أن يقال‏:‏ المحكم والمنسوخ، كما يقال‏:‏ المحكم والمتشابه‏.‏
وقوله بعد ذلك‏:‏ ‏{‏ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ‏}‏ جعل جميع الآيات محكمة، محكمها ومتشابهها، كما قال‏:‏ ‏{‏الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ‏}‏ ‏[‏هود‏:‏1‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏1‏]‏ على أحد القولين‏.‏ وهنالك جعل الآيات قسمين‏:‏ محكـمًا ومتشـابهـًا، كما قال‏:‏ ‏{‏مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏7‏]‏‏.‏ وهذه المتشابهات مما أنزله الرحمن لا مما ألقاه الشيطان ونسخه اللّه‏.‏ فصار المحكم في القرآن تارة يقابل بالمتشابه ، و الجميع من آيات اللّه ، و تارة يقابل بما نسخه اللّه مما ألقاه الشيطان‏ .‏
ومن الناس من يجعله مقابلاً لما نسخه اللّه مطلقًا ، حتى يقول‏ :‏ هذه الآية محكمة ليست منسوخة ، و يجعل المنسوخ ليس محكمًا ، و إن كان اللّه أنزله أولا اتباعًا لظاهر قوله‏ :‏ ‏{‏فَيَنسَخُ اللَّهُ‏}‏ ‏{‏ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ‏}‏
فهذه ثلاث معان تقابل المحكم ، ينبغي التفطن لها ‏.‏
و جماع ذلك ‏:‏ أن ‏[‏الإحكام‏]‏ تارة يكون في التنزيل ، فيكون في مقابلته ما يلقيه الشيطان‏ .‏ فالمحكم المنزل من عند اللّه أحكمه اللّه أي‏ :‏ فصله من الاشتباه بغيره ، و فصل منه ما ليس منه ؛ فإن الإحكام هو الفصل و التمييز و الفرق و التحديد الذي به يتحقق الشىء و يحصل إتقانه ؛ و لهذا دخل فيه معنى المنع كما دخل في الحد ، فالمنع جزء معناه لا جميع معناه ‏.‏
وتارة يكون ‏[‏الإحكام‏]‏ في إبقاء التنزيل عند من قابله بالنسخ الذي هو رفع ما شرع وهو اصطلاحي، أو يقال ـ وهو أشبه بقول السلف ـ‏:‏ كانوا يسمون كل رفع نسخًا، سواء كان رفع حكم أو رفع دلالة ظاهرة‏.‏ وإلقاء الشيطان في أمنيته قد يكون في نفس لفظ المبلغ، وقد يكون في سمع المبلغ، وقد يكون في فهمه كما قال‏:‏ ‏{‏أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا‏}‏ الآية ‏[‏الرعد‏:‏17‏]‏‏.‏ ومعلوم أن من سمع النص الذي قد رفع حكمه أو دلالة له، فإنه يلقي الشيطان في تلك التلاوة اتباع ذلك المنسوخ فيحكم اللّه آياته بالناسخ الذي به يحصل رفع الحكم وبيان المراد‏.‏ وعلى هذا التقدير فيصح أن يقال‏:‏ المتشابه المنسوخ بهذا الاعتبار، واللّه أعلم‏.‏
وتارة يكون ‏[‏الإحكام‏]‏ في التأويل والمعنى، وهو تمييز الحقيقة المقصودة من غيرها حتى لا تشتبه بغيرها‏.‏ وفي مقابلة المحكمات الآيات المتشابهات التي تشبه هذا وتشبه هذا، فتكون محتملة للمعنيين‏.‏ قال أحمد بن حنبل‏:‏ المحكم‏:‏ الذي ليس فيه اختلاف، والمتشابه‏:‏ الذي يكون في موضع كذا وفي موضع كذا‏.‏
ولم يقل في المتشابه‏:‏ لا يعلم تفسيره ومعناه إلا اللّه، وإنما قال‏:‏ ‏{‏وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏7‏]‏، وهذا هو فصل الخطاب بين المتنازعين في هذا الموضع؛ فإن الله أخبر أنه لا يعلم تأويله إلا هو‏.‏ والوقف هنا على ما دل عليه أدلة كثيرة وعليه أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وجمهور التابعين وجماهير الأمة‏.‏
ولكن لم ينف علمهم بمعناه وتفسيره، بل قال‏:‏‏{‏كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏29‏]‏، وهذا يعم الآيات المحكمات والآيات المتشابهات، وما لا يعقل له معنى لا يتدبر‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏24‏]‏، ولم يستثن شيئًا منه نهى عن تدبره‏.‏ واللّه ورسوله إنما ذم من اتبع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله،فأما من تدبر المحكم والمتشابه ـ كما أمره اللّه وطلب فهمه ومعرفة معناه ـ فلم يذمه اللّه،بل أمر بذلك ومدح عليه‏.‏ ) .


فإذا كان هناك كلام مشتبه في كتاب الله و هذا الكلام المشتبه يناقض محكم في كتاب الله لا يختلف في هذا المحكم فإنه بنص كتاب الله لا يجوز اتباع المتشابه ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ) .

و أجمع العلماء على أنه يجب التمسك بالمحكم و الإعراض عن المتشابه فإذا كان هذا في كلام الله فمن باب أولى أن يعرض عن المتشابه من كلام العلماء .

أما كلام الشيباني فكشف المشتبه في هذا الكلام في عدة مسائل :

الأولى : يجب أن نفرق بين التحاكم إلى القاضي الذي يحكم بحكم الطاغوت و يفصل بين الناس و بين السلطان الذي له القوة و القدرة لا الفصل في القضايا فالتحاكم إلى الطاغوت الذي حكم الله تعالى أن من وقع به لم يكفر بالطاغوت هو طلب الفصل في قضية تنوزع فيها سواء كانت هذه القضية علمية أو عملية فمن تحاكم إلى غير حكم الله تعالى و جعل غير حكم الله هو الذي يفصل في القضايا فهذا ممن آمن بالطاغوت لأن جعل الحكم لغير الله و الحكم لا يكون إلا لله تعالى .

أما رفع الأمر إلى السلطان و المقصود بالسلطان أي الذي له السلطة و القدرة و السلطان ورد في كتاب الله تعالى بمعنى الحجة و بمعنى القوة و القدرة .

{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ }آل عمران151

{وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }الأنعام81

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }الأعراف33

{قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ }الأعراف71

{مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف40

هذه الآيات أتت بمعنى سلطان الحجة و البرهان .

و هناك آيات أخرى أتت بمعنى القدرة و القوة {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }إبراهيم22

{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }الحجر42

{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }النحل99

{إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ }النحل100

{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً }الإسراء65

{وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً }الإسراء80

{وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ }الصافات30

فالتحاكم إلى الطاغوت بمعنى طلب حجته و برهانه للفصل بين المتخاصمين أو طلب ما يشكل على بعض الناس من الطاغوت فهذا هو معنى الرضا بحكم الطاغوت بحيث يجعل حكم الطاغوت هو الأصل عند الرجوع لا إلى حكم الله تعالى فمن طلب سلطان الحجة من الطاغوت فهذا هو المتحاكم على الطاغوت .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حزيفة
عضو نشيط



عدد الرسائل : 29
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف Empty
مُساهمةموضوع: رد: توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف   توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف I_icon_minitimeالإثنين 13 يوليو - 8:16

أما من طلب سلطان القدرة و القوة فهذا لا يكون متحاكم إلى الطاغوت و قد يضطر المسلم طلب سلطان الطاغوت و لا يكون هذا كفرا فالنبي صلى الله عليه و سلم طلب من المطعم بن عدي الجوار و كان طلب لسلطان القوة و طلب أبو بكر رضي الله عنه لجوار ابن الدغنة من باب طلب سلطان القوة و كذلك قبل عمر رضي الله عنه جوار العاص بن وائل و طلب الصحابة جوار النجاشي فكل هذا من باب طلب سلطان القوة و القدرة و لا يكون هذا كفرا أما من طلب سلطان الحجة من المشركين فهذا لا يخالف مسلم أنه مشرك خارج من الإسلام قال تعالى {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }الأنعام121

{اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }الأعراف3

{وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً }الإسراء73

فالذي يتبع حكم المشركين و يتحاكم إليه فقد قبل حجة المشركين و رضي بها .

و أما من قبل سلطان القدرة و القوة من المشركين إذا كان مضطرا لا يكفر و كلام الشيباني إنما في سلطان القوة و القدرة لا في سلطان الحجة قال الشيباني ( وَاخْتَصَمَا فِيهِ إلَى سُلْطَانِ تِلْكَ الْبِلَادِ , فَقَصَرَ يَدَ الْمُسْلِمِ عَنْهُ ) .

و قال ( لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ , ثُمَّ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا , وَ جَحَدَهُ , فَاخْتَصَمَا إلَى سُلْطَانِ تِلْكَ الْبِلَادِ , فَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ ) .

و قال ( فَإِنْ اخْتَصَمَا إلَى مَلِكِهِمْ فَجَحَدَ الْغَاصِبُ وَقَالَ : هَذَا مِلْكِي , مَا أَخَذْته مِنْهُ فَأَقَرَّهُ مَلِكُهُمْ فِي يَدِهِ , حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْلِمُ بِحُجَّةٍ ) .

فالشيباني ذكر هنا السلطان و الملك و السلطان هنا المقصود سلطان القوة و القدرة كما هو ظاهر من كلامه فإن أهل العلم يفرقون بين القاضي و السلطان في كلامهم قال الشيباني في السير الكبير ( فَإِنْ قِيلَ : الْقَاضِي أَجْبَرَهُ عَلَى أَنْ يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ بِالثَّمَنِ فَهَبْ أَنَّ الْقَضَاءَ كَانَ بَاطِلًا ، فَهَذَا لَا يَكُونُ دُونَ مَا لَوْ أَجْبَرَ سُلْطَانٌ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ عَبْدٍ مِنْ فُلَانٍ ، وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ، وَهُنَاكَ الْمُشْتَرِي يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ حَتَّى يَنْفُذَ فِيهِ تَصَرُّفَاتُهُ بِالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا . ) .

و قال ( وَ لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ ، ثُمَّ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا ، وَجَحَدَهُ ، فَاخْتَصَمَا إلَى سُلْطَانِ تِلْكَ الْبِلَادِ ، فَسَلَّمَهُ لِلْغَاصِبِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ ، وَالرَّجُلَانِ مُسْلِمَانِ عَلَى حَالِهِمَا ، فَالْمَغْصُوبُ مَرْدُودٌ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ .

لِأَنَّ رَدَّ الْعَيْنِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْغَاصِبِ ، بِحُكْمِ اعْتِقَادِهِ ، فَإِسْلَامُ أَهْلِ الدَّارِ لَا يَزِيدُهُ إلَّا وَكَادَةً ، وَبِقُوَّةِ سُلْطَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْمُسْلِمُ لَا يَصِيرُ مُحْرِزًا مَالَ الْمُسْلِمِ ، وَلَا مُتَمَلِّكًا ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُتَمَلِّكًا بِحُكْمِ سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ ، فَكَيْفَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا بِحُكْمِ سُلْطَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ . ) .

و قال (وَهَذَا لِلْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حُكْمِ الدَّارِ هُوَ السُّلْطَانُ فِي ظُهُورِ الْحُكْمِ ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ حُكْمَ الْمُوَادِعِينَ فَبِظُهُورِهِمْ عَلَى الدَّارِ الْأُخْرَى كَانَتْ الدَّارُ دَارَ الْمُوَادَعَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ حُكْمَ سُلْطَانٍ آخَرَ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الدَّارَيْنِ حُكْمُ الْمُوَادَعَةِ . ) .

و قال ( وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا اشْتَرَى فِينَا أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهَا لِنَفْسِهِ وَأَدَّى خَرَاجَهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ الْقَاضِي الشُّهُودَ عَبِيدًا وَرَدَّ الْأَرْضَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ لَمْ يَكُنْ هُوَ ذِمِّيًّا .

لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ ، لَا بِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ ، وَهَا هُنَا قَدْ كَانَ هُوَ مَمْنُوعًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَذِهِ الْأَرْضِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْخَرَاجُ ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْخَرَاجِ بِاعْتِبَارِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ .

وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ سُلْطَانٌ لَا يُقَاوِمُهُ الْمُسْتَأْمَنُ ، وَلَوْ غَصَبَهَا مَنْ يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ عَلَيْهِ بِالْحُجَّةِ ، فَلَمْ يَفْعَلْ ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ زَرَعَهَا فَالْمُسْتَأْمَنُ لَا يَكُونُ ذِمِّيًّا أَيْضًا . ) .

و قال رحمه الله ( وَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ الَّذِي هُوَ ضَامِنٌ لَمَّا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَمَعَهُ الْمَغْصُوبُ غَصَبَهُ مِنْهُ غَيْرُهُ فَاخْتَصَمَا فِيهِ إلَى سُلْطَانِهِمْ ، فَمَنَعَ السُّلْطَانُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ أَنْ يَعْرِضَ لِلْغَاصِبِ الْآخَرِ فِيهِ ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ فَذَلِكَ الْمَالُ لِلْغَاصِبِ الْآخَرِ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ .

لِأَنَّ إحْرَازَهُ لَهُ قَدْ تَمَّ حِسًّا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ غَلَبَهُ ، وَحُكْمًا بِقُوَّةِ سُلْطَانِهِمْ ، حِينَ قَصَرَ يَدَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ ، فَصَارَ هُوَ مَالِكًا لَهُ ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ حِينَ أَخَذَهُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالْغَصْبِ ) .

و قال ( وَإِنْ كَانَ حِينَ طَلَبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْغَاصِبِ أَعْطَاهُ إيَّاهُ ثُمَّ وَثَبَ فَأَخَذَ مِنْهُ ثَانِيَةً وَقَصَرَ السُّلْطَانُ يَدَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ فَهُوَ سَالِمٌ لِلْغَاصِبِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْغَصْبِ الْأَوَّلِ قَدْ انْتَهَى بِالرَّدِّ عَلَى صَاحِبِهِ ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا كَانَ لَزِمَهُ مِنْ رَدِّ الْعَيْنِ ، فَيَكُونُ أَخْذُهُ الْآنَ غَصْبًا ابْتِدَاءً ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، فَيَصِيرُ مُحْرِزًا لَهُ بِهَذَا الْغَــصْبِ ، حِينَ مَنَعَهُ السُّــلْطَانُ مِنْـهُ . ) .

و هنا فرق كذلك بين السلطان و القاضي فالاختصام هنا ليس الاختصام إلى الحجة و البرهان حتى تفصل بين المختصمين فيظهر المحق من المبطل إنما الاختصام هنا إلى سلطان القوة فالمسلم يطلب من السلطان رد حقه الذي اغتصبه خصمه بقوته و لا يطلب منه أن يفصل بينه و بين خصمه فتبين المحق من المبطل فيرد المبطل الحق إلى المحق بقوة الحجة فإذا رفع المسلم خصومته إلى سلطان القوة و القدرة حتى يرد له حقه لا يكون هذا رضا بحكم الطاغوت .

المسألة الثانية : لو فرض أن كلام الشيباني يحتمل المعنيين فلو كان هذا دليل من الكتاب و السنة لم يكن ترجيح أحد المعنيين إلا بدليل و إلا سقط به الاستدلال فكيف إذا كان كلام أحد العلماء فهو في نفسه لا يحتج فكيف إذا كان محتملا لمعنيين حق و باطل قال صاحب أنوار البروق في أنواع الفروق ( الْفَرْقُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ حِكَايَةِ الْحَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ سَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال وَبَيْنَ قَاعِدَةِ حِكَايَةِ الْحَالِ إذَا تُرِكَ فِيهَا الِاسْتِفْصَالُ تَقُومُ مَقَامَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَيَحْسُنُ بِهَا الِاسْتِدْلَال ) هَاتَانِ قَاعِدَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ نُقِلَتَا عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا قَاعِدَةٌ وَاحِدَةٌ فِيهَا قَوْلَانِ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ إنَّ حِكَايَةَ الْحَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَخْ أَنَّ الدَّلِيلَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّرْعِ إذَا اسْتَوَتْ فِيهِ الِاحْتِمَالَاتُ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهَا سَقَطَ بِهِ الِاسْتِدْلَال لِقَاعِدَتَيْنِ ( الْقَاعِدَةُ الْأُولَى ) أَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي يُوجِبُ الْإِجْمَالَ إنَّمَا هُوَ الِاحْتِمَالُ الْمُسَاوِي أَمَّا الْمَرْجُوحُ فَلَا وَإِلَّا لَسَقَطَتْ دَلَالَةُ الْعُمُومَاتِ كُلُّهَا لِتَطَرُّقِ احْتِمَالِ التَّخْصِيصِ إلَيْهَا وَذَلِكَ بَاطِلٌ ( الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ ) أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الشَّرْعِ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا احْتِمَالَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ صَارَ مُجْمَلًا وَلَيْسَ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَإِنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ إنَّ حِكَايَةَ الْحَالِ إذَا تُرِكَ فِيهَا إلَخْ أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ إذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّ مَدْلُولِ اللَّفْظِ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّرْعِ دُونَ الدَّلِيلِ تَقُومُ مَقَامَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَيَحْسُنُ بِهَا الِاسْتِدْلَال بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ إذَا تَرَكَ الِاسْتِفْصَالَ فِي قَضَايَا الْأَعْيَانِ وَهِيَ مُحْتَمَلَةُ الْوُقُوعِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ أَوْ وُجُوهٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُتَّحِدٌ فِي الْوَجْهَيْنِ أَوْ الْوُجُوهِ . ) .

و قال ( قَالَ ( لَكِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ فَتَعَيَّنَ حِينَئِذٍ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي يُوجِبُ الْإِجْمَالَ إنَّمَا هُوَ الِاحْتِمَالُ الْمُسَاوِي أَوْ الْمُقَارِبُ أَمَّا الْمَرْجُوحُ فَلَا ) قُلْتُ إيجَابُ الِاحْتِمَالِ الْمُسَاوِي الْإِجْمَالَ مُسَلَّمٌ وَأَمَّا إيجَابُ الْمُقَارِبِ فَلَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُتَحَقِّقَ الْمُقَارَبَةِ فَهُوَ مُتَحَقِّقُ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَإِنْ كَانَ مُتَحَقِّقَ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ فَهُوَ مُتَحَقِّقُ الْمَرْجُوحِيَّةِ فَلَا إجْمَالَ .

قَالَ ( الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ إنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الشَّرْعِ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا احْتِمَالَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ صَارَ مُجْمَلًا وَلَيْسَ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ ) قُلْتُ مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ . ) .

قال العز بن عبد السلام في كتابه ( قواعد الأحكام في مصالح الأنام )} ( فَائِدَةٌ ) لَيْسَ قَوْلُ الْحَاكِمِ ( يَثْبُتُ عِنْدِي ) حُكْمًا بِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ إذَا أَطْلَقْت لَفْظَ الثُّبُوتِ فَإِنَّمَا أَعْنِي بِهِ الْحُكْمَ بِالْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ عِنْدِي ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ، فَمَنْ قَضَى بِأَنَّ لَفْظَ الثُّبُوتِ إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ كَلَفْظِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَقَدْ أَخْطَأَ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَةَ الْمُتَرَدِّدَةَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ حَكَمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ حَمْلُهَا عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةً فِيهِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُهَا .

وَلَفْظُ الثُّبُوتِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ الْحُكْمِ وَيُعَبِّرُ بِهِ الْأَكْثَرُونَ عَنْ غَيْرِ الْحُكْمِ ، فَمِنْ أَيْنَ لِمَنْ لَمْ يَقْضِ بِأَنَّ مُطْلَقَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ إنَّمَا أَطْلَقَهَا بِإِزَاءِ الْحُكْمِ ، وَحَمْلُ الْمُجْمَلِ عَلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ فَمَا الظَّنُّ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ ، وَلَا وَقْفَةَ عِنْدِي فِي نَقْضِ حُكْمِ مَنْ يَحْكُمُ بِأَنَّ الْإِثْبَاتَ حُكْمٌ ، لِمُخَالَفَتِهِ الْقَاعِدَةَ الْمَجْمَعَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فِي مَنْعِ حَمْلِ اللَّفْظَةِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهَا الْمُتَسَاوِيَيْنِ ، أَوْ عَلَى الْمَعْنَى الْمَرْجُوحِ ، وَالْقَوْمُ يَسْمَعُونَ أَلْفَاظًا لَمْ يَعْرِفُوا مَعَانِيَهَا وَلَا مَأْخَذَهَا فَيَخْتَارُونَ بِلَا عِلْمٍ .

بَلْ لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ . { .

و كما ذكرنا أن محل كلام أهل العلم هذا في حال الإستواء في المعاني و نحن مسألتنا في محل التخاصم إلى السلطان لا التحاكم إلى القاضي و علم من إطلاق أهل العلم أن السلطان أو الملك ليس هو الذي يقضي بين الناس و يفصل بينهم فالسلطان هو الذي يلزم الناس بحكم القاضي و القاضي هو الذي يفصل بينهم عند الخلاف و هذا كذلك موجود في دول اليوم فإن السلطات اليوم ثلاث السلطة التشريعية و هي السلطة التي تضع القوانين التي تعمل بها السلطة القضائية و السلطة التنفيذية فمن تحاكم إلى السلطة القضائية و طلب منها فصل الحكم عند التخاصم فهذا متحاكم إلى الطاغوت و من تخاصم إلى السلطة التنفيذية و طلب منها أنت تعطيه حقه ممن أخذه منه فهذا لا يكون تحاكم إلى الطاغوت حتى يطلب منهم فصل القضاء بينه و بين خصمه أما إذا طلب منهم إنصافه من خصمه و رد حقه إليه بقوتهم فهذا لا يكون متحاكم إلى الطاغوت و هذا المعنى هو المقصود بحديث حلف الفضول قال ابن كثير في كتاب السيرة ( و لكن المراد بهذا الحلف حلف الفضول وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه الحميدى، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله، عن محمد وعبد الرحمن ابني أبى بكر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الاسلام لاجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها وألا يعز ظالم مظلوما ".

قالوا: وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة في شهر ذى القعدة، وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر.

وذلك لان الفجار كان في شعبان من هذه السنة.

وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب، وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب.

وكان سببه أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل فحبس عنه حقه، فاستعدى عليه الزبيدى الاحلاف عبد الدار ومخزوما وجمحا وسهما وعدى بن كعب، فأبوا أن يعينوا على العاص بن وائل وزبروه - أي انتهروه - فلما رأى الزبيدى الشر أوفى على أبى قبيس عند طلوع الشمس، وقريش في أنديتهم حول الكعبة، فنادى بأعلى صوته: يا آل فهر لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائى الدار والنفر ومحرم أشعث لم يقض عمرته * يا للرجال وبين الحجر والحجر إن الحرام لمن تمت كرامته * ولا حرام لثوب الفاجر الغدر فقام في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال: ما لهذا مترك. ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حزيفة
عضو نشيط



عدد الرسائل : 29
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف Empty
مُساهمةموضوع: رد: توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف   توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف I_icon_minitimeالإثنين 13 يوليو - 8:18

و في سيرة بن هشام ( حِلْفُ الْفُضُولِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَمّا حِلْفُ الْفُضُولِ فَحَدّثَنِي زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْبَكّائِيّ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إسْحَاقَ قَالَ تَدَاعَتْ قَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ إلَى حِلْفٍ فَاجْتَمَعُوا لَهُ فِي دَارِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ ، لِشَرَفِهِ وَسِنّهِ فَكَانَ حِلْفُهُمْ عِنْدَهُ بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطّلِبِ ، وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى . وَزُهْرَةُ بْنُ كِلَابٍ ، وَتَيْمُ بْنُ مُرّةَ فَتَعَاقَدُوا وَتَعَاهَدُوا عَلَى أَنْ لَا يَجِدُوا بِمَكّةَ مَظْلُومًا ْ [ ص 134 ] دَخَلَهَا مِنْ سَائِرِ النّاسِ إلّا قَامُوا مَعَهُ وَكَانُوا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ حَتّى تُرَدّ عَلَيْهِ مَظْلِمَتُهُ فَسَمّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ .

[ حَدِيثُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ حِلْفِ الْفُضُولِ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ التّيْمِيّ أَنّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَوْفِ الزّهْرِيّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَقَدْ شَهِدْت فِي دَارِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبّ أَنّ لِي بِهِ حُمْرَ النّعَمِ وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْت

[ نَازَعَ الْحُسَيْنُ الْوَلِيدَ فِي حَقّ وَهَدّدَ بِالدّعْوَةِ إلَى حِلْفِ الْفُضُولِ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِي اللّيْثِيّ أَنّ مُحَمّدَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التّيْمِيّ حَدّثَهُ أَنّهُ كَانَ بَيْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا ، وَبَيْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ . وَالْوَلِيدُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ أَمّرَهُ عَلَيْهَا عَمّهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ [ ص 135 ] مُنَازَعَةً فِي مَالٍ كَانَ بَيْنَهُمَا بِذِي الْمَرْوَةِ . فَكَانَ الْوَلِيدُ تَحَامَلَ عَلَى الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي حَقّهِ لِسُلْطَانِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ أَحْلِفُ بِاَللّهِ لَتُنْصِفَنّي مِنْ حَقّي أَوْ لَآخُذَن سَيْفِي ، ثُمّ لَأَقُومَن فِي مَسْجِد رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ لَأَدْعُوَن بِحِلْفِ الْفُضُولِ . قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبَيْرِ ، وَهُوَ عِنْدَ الْوَلِيدِ حِينَ قَالَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللّه عَنْهُ مَا قَالَ وَأَنَا أَحْلِفُ بِاَللّهِ لَئِنْ دَعَا بِهِ لَآخُذَن سَيْفِي ، ثُمّ لَأَقُومَن مَعَهُ حَتّى يُنْصَفَ مِنْ حَقّهِ أَوْ نَمُوتَ جَمِيعًا . قَالَ فَبَلّغْت الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ بْنَ نَوْفَلٍ الزّهْرِيّ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَبَلّغْت عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ التّيْمِيّ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ . فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ أَنْصَفَ الْحُسَيْنَ مِنْ حَقّهِ حَتّى رَضِيَ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِي اللّيْثِيّ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التّيْمِيّ قَالَ قَدِمَ مُحَمّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ - وَكَانَ مُحَمّدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَعْلَمَ قُرَيْشٍ - عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ حِينَ قَتَلَ ابْنَ الزّبَيْرِ وَاجْتَمَعَ النّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ أَلَمْ نَكُنْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ يَعْنِي بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِيّ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فِي حِلْفِ الْفُضُولِ ؟ قَالَ أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِتُخْبِرَنّي يَا أَبَا سَعِيدٍ بِالْحَقّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا وَاَللّهِ لَقَدْ خَرَجْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ مِنْهُ قَالَ صَدَقْت . تَمّ خَبَرُ حَلِفِ الْفُضُولِ . ) .

فلو اختصم مسلم إلى الكفار لرد حقه إليه فهذا لا يكون متحاكم إلى الطاغوت إنما مستجير بسلطان المشركين و المستجير بسلطان المشركين لا يكفر .

فمن أراد أن يثبت أن كلام الشيباني في التحاكم إلى الطاغوت فعليه أن يثبت أن مراد الشيباني بالسلطان هو القاضي الذي يفصل بين الناس في قضاياهم و قد بينا مقصود الشيباني بالسلطان و أنه هو سلطان القوة و القدرة لا سلطان الحجة فإنه لا يخالف مسلم أن طلب سلطان الحجة من الكفار من أعظم الكفر و مثل هذا لا يخفى على أطفال المسلمين فضلا عن علمائهم و الأمر الأخر يجب عليه أن يثبت أن المتخاصم الذي يتكلم عنه الشيباني يقصد بتخاصمه طلب سلطان الحجة التي تفصل بين المتخاصمين .

و الصورة التي يذكرها الشيباني تقع كثيرا اليوم للمسلم في دار الكفر فإن بعض المسلمين المحققين للإسلام يتعرضون للنهب و السرقة و الاعتداء و في نظام دور الكفر اليوم أنهم يتكفلون بحماية من يقيم في دورهم فإذا اضطر المسلم و اختصم إلى شرطة هذه الدول الكافرة ضد من اعتدى عليه حتى يكفوا شره عنهم أو اختصم إليهم حتى يردوا حقه الذي نهب منه أو سرق أو فقد فإذا وجد فإنه يطلبون منه ما يثبت أنه حقه و هذا ما يسمى عند القضاة بالثبوت فالثبوت غير الحكم فالثبوت هو عينه تحقيق المناط و الحكم يتبع الثبوت فالسارق مثلا إذا ثبت عند القاضي أنه سرق هذا يسمى الثبوت كما أن المفتي عليه قبل أن ينزل الحكم أن يتثبت من الصورة و من القواعد المشهورة في هذه المسألة أن الحكم فرع عن تصوره فإن المفتي قد يعرف الحكم الشرعي لكن الحال لم تثبت عنده حتى ينزل الحكم الشرعي فإن ثبتت عند الحال ينظر بعدها أي الأحكام الشرعية ينطبق على هذه الحال و الكلام على هذه المسألة هو عينه الكلام على المسالة الثالثة .

المسألة الثالثة : قال شيخ الإسلام ( والصواب أن هذا ليس من القياس الذي يمكن فيه النزاع، كما أن تحقيق المناط ليس مما يقبل النزاع باتفاق العلماء‏.‏
وهذه الأنواع الثلاثة ‏[‏تحقيق المناط‏]‏ و‏[‏تنقيح المناط‏]‏ و‏[‏تخريج المناط‏]‏ هي جماع الاجتهاد‏.‏
فالأول‏:‏ أن يعمل بالنص والإجماع، فإن الحكم معلق بوصف يحتاج في الحكم على المعين إلى أن يعلم ثبوت ذلك الوصف فيه، كما يعلم أن الله أمرنا بإشهاد ذوي عدل منا، وممن نرضي من الشهداء، ولكن لا يمكن تعيين كل شاهد، فيحتاج أن يعلم في الشهود المعينين هل هم من ذوي العدل المرضيين أم لا‏؟‏ وكما أمر الله بعشرة الزوجين بالمعروف، وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏للنساء رزقهن وكسوتهن بالمعروف‏)‏ ولم يمكن تعيين كل زوج فيحتاج أن ينظر في الأعيان ثم من الفقهاء من يقول‏:‏ إن نفقة الزوجة مقدرة بالشرع، والصواب ما عليه الجمهور أن ذلك مردود إلى العرف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند‏:‏ ‏(‏خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف‏)‏ ‏.‏
وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏34‏]‏ ويبقى النظر في تسليمه إلى هذا التاجر، بجزء من الربح‏.‏ هل هو من التي هي أحسن أم لا‏؟‏ وكذلك قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏60‏]‏، يبقى هذا الشخص المعين هل هو من الفقراء المساكين المذكورين في القرآن أم لا‏؟‏ وكما حرم الله الخمر والربا عمومًا يبقى الكلام في الشراب المعين‏:‏ هل هو خمر أم لا‏؟‏ وهذا النوع مما اتفق عليه المسلمون، بل العقلاء بأنه لا يمكن أن ينص الشارع على حكم كل شخص، إنما يتكلم بكلام عام، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم‏ . ) .


و قال رحمه الله ( كما اتفقوا على تحقيق المناط، وهو‏:‏ أن يعلق الشارع الحكم بمعني كلي فينظر في ثبوته في بعض الأنواع أو بعض الأعيان، كأمره باستقبال الكعبة، وكأمره باستشهاد شهيدين من رجالنا ممن نرضي من الشهداء ، و كتحريمه الخمر والميسر، و كفرضه تحليل اليمين بالكفارة ، و كتفريقه بين الفدية و الطلاق ، و غير ذلك‏ .‏ ) .

و قال رحمه الله ( و الاجتهاد في ‏(‏تحقيق المناط‏)‏ مما اتفق المسلمون عليه، ولابد منه كحكم ذوي عدل بالمثل في جزاء الصيد، وكالاستدلال على الكعبة عند الاشتباه ونحو ذلك، فلا يقطع به الإنسان، بل يجوز أن تكون القبلة في غير جهة اجتهاده، كما يجوز إذا حكم أن يكون قد قضى لأحــدهما بشىء من حق الآخر، وأدلة الأحكام لابد فيها من هذا ) .

و عند الفقهاء يسمى بالثبوت جاء في كتاب (تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام ) ( قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَتَاوَى وَالْأَحْكَامِ فِي السُّؤَالِ الثَّلَاثِينَ : إنْ قُلْت : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ ، وَهَلْ الثُّبُوتُ حُكْمٌ أَوْ لَا ؟ وَإِذَا قُلْنَا : بِأَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ فَهَلْ هُوَ عَيْنُ الْحُكْمِ أَوْ يَسْتَلْزِمُهُ ظَاهِرًا ؟ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهَلْ ذَلِكَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الثُّبُوتِ أَمْ لَا ؟ .

جَوَابُهُ : أَنَّ الثُّبُوتَ هُوَ قِيَامُ الْحُجَّةِ عَلَى ثُبُوتِ السَّبَبِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، أَوْ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ ، أَوْ بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ ، أَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ ، أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِلْمَيِّتِ حَتَّى تَرِثَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ ثُبُوتِ أَسْبَابِ الْحُكْمِ ، فَإِنْ بَقِيَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ رِيبَةٌ أَوْ لَمْ تَبْقَ وَلَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ الْخَصْمَ هَلْ لَهُ مَطْعَنٌ أَوْ مُعَارِضٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ ؟ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ ثُبُوتًا وَلَا حُكْمًا ؛ لِوُجُودِ الرِّيبَةِ أَوْ عَدَمِ الْإِعْذَارِ ، وَإِنْ قَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَى سَبَبِ الْحُكْمِ وَانْتَفَتْ الرِّيبَةُ وَحَصَلَتْ الشُّرُوطُ فَهَذَا هُوَ الثُّبُوتُ ، وَالْحُكْمُ مِنْ لَازِمِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ إذَا سُئِلَ بِهِ ، فَصَارَ الْحُكْمُ مِنْ لَوَازِمِ الثُّبُوتِ ، فَيَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ حُكْمٌ ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ : الْمَشْهُورُ أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ يُرِيدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْخَاصَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الثُّبُوتِ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ، وَهَذَا التَّشْهِيرُ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ : أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُمْ ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ أَيْضًا .

وَقَالَ : إنَّهُ التَّحْقِيقُ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو حزيفة
عضو نشيط



عدد الرسائل : 29
تاريخ التسجيل : 23/01/2009

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف Empty
مُساهمةموضوع: رد: توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف   توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف I_icon_minitimeالإثنين 13 يوليو - 8:19

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : وَلَيْسَ قَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا حُكْمًامِنْهُ بِمُقْتَضَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعَمُّ مِنْهُ ، قَالَ : وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْقَرَوِيِّينَ غَلِطَ فِي ذَلِكَ ، وَأَلَّفَ الْمَازِرِيُّ جُزْءًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ ، وَجَلَبَ فِيهِ نُصُوصَ الْمَذْهَبِ .

قَالَ الْقَرَافِيُّ : وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ يَرَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْحُكْمِ مُغَايِرَةٌ لِحَقِيقَةِ الثُّبُوتِ وَمَعَ تَغَايُرِ الْحَقَائِقِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِحُصُولِ أَحَدِ الْمُتَغَايِرَيْنِ عِنْدَ حُصُولِ الْآخَرِ ، إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالْمُلَازَمَةِ ، وَاللُّزُومُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ رِيبَةٌ مَا عَلِمْنَا بِهَا ، فَيَتَوَقَّفُ حَتَّى يَحْصُلَ الْيَقِينُ بِالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ ، هَذَا فِي الصُّوَرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا الَّتِي حَكَمَ الْحَاكِمُ فِيهَا بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ .

أَمَّا الصُّوَرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا كَثُبُوتِ الْقِيمَةِ فِي الْإِتْلَافِ ، وَالْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ وَثُبُوتِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ فِي الذِّمَّةِ ، وَعَقْدِ الْقِرَاضِ ، وَثُبُوتِ السَّرِقَةِ لِلْقَطْعِ ، فَالثُّبُوتُ الْكَامِلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ جَمِيعِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ إنْشَاءَ حُكْمٍ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ ، بَلْ أَحْكَامُ هَذِهِ الصُّوَرِ مُتَقَرِّرَةٌ فِي أَصْلِ الشَّرِيعَةِ إجْمَاعًا ، وَوَظِيفَةُ الْحُكَّامِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إنَّمَا هِيَ التَّنْفِيذُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَعْنَاهُ .

وَأَمَّا فِيمَا عَدَا التَّنْفِيذَ فَالْحَاكِمُ وَالْمُفْتِي فِيهِ سَوَاءٌ ) .

و قال كذلك ( وَقَالَ أَيْضًا ( القرافي ) فِي الْقَوَاعِدِ فِي ( الْفَرْقِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالْمِائَتَيْنِ ) اُخْتُلِفَ فِي الْحُكْمِ وَالثُّبُوتِ هَلْ هُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ أَوْ الثُّبُوتُ غَيْرُ الْحُكْمِ ؟ .

وَالْعَجَبُ أَنَّ الثُّبُوتَ يُوجَدُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمَوَاطِنِ الَّتِي لَا حُكْمَ فِيهَا بِالضَّرُورَةِ إجْمَاعًا فَيَثْبُتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ هِلَالُ رَمَضَانَ وَهِلَالُ شَوَّالٍ ، وَتَثْبُتُ طَهَارَةُ الْمَاءِ وَنَجَاسَتُهُ ، وَيَثْبُتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ التَّحْرِيمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ ، وَيَثْبُتُ التَّحْلِيلُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الْحُكْمِ ، وَإِذَا وُجِدَ الثُّبُوتُ بِدُونِ الْحُكْمِ كَانَ أَعَمَّ مِنْ الْحُكْمِ ، وَالْأَعَمُّ مِنْ الشَّيْءِ غَيْرُهُ بِالضَّرُورَةِ ، ثُمَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الثُّبُوتِ هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ الْحُجَّةِ كَالْبَيِّنَةِ وَغَيْرِهَا السَّالِمَةِ مِنْ الْمَطَاعِنِ فَمَتَى وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقَالُ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي ذَلِكَ .

وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُوجَدُ الْحُكْمُ بِدُونِ الثُّبُوتِ أَيْضًا ، كَالْحُكْمِ بِالِاجْتِهَادِ كَإِعْطَاءِ أَمِيرِ الْجَيْشِ الْأَمَانَ لِلْعَدُوِّ ، وَكَذَلِكَ فِي قَسْمِ الْحَبْسِ بَيْنَ أَهْلِهِ يَجْتَهِدُ وَيُفَضِّلُ أَهْلَ الْحَاجَةِ ، وَإِذَا أَسَرَ الْإِمَامُ الْعَدُوَّ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ ، وَكَذَلِكَ عَقْدُ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ، وَتَقْدِيرُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ ، وَقَدْ أَفْرَدْت لِذَلِكَ بَابًا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ ، ثُمَّ ثُبُوتُ الْحُجَّةِ مُغَايِرٌ لِلْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ الْإِنْشَائِيِّ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي التَّعْرِيفِ بِحَقِيقَةِ الْحُكْمِ ، فَثَبَتَ كَوْنُهُمَا غَيْرَيْنِ بِالضَّرُورَةِ ، وَأَنَّ الثُّبُوتَ هُوَ نُهُوضُ الْحُجَّةِ ، وَالْحُكْمُ إنْشَاءُ كَلَامٍ فِي النَّفْسِ هُوَ إلْزَامٌ أَوْ إطْلَاقٌ . ) .

و قال ( فَصْلٌ فِي مَعْنَى تَنْفِيذِ الْحُكْمِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ .

تَنْفِيذُ حُكْمِ نَفْسِهِ ، وَتَنْفِيذُ حُكْمِ غَيْرِهِ ، فَالْأَوَّلُ مَعْنَاهُ الْإِلْزَامُ بِالْحَبْسِ وَأَخْذُ الْمَالِ بِيَدِ الْقُوَّةِ وَدَفْعُهُ لِمُسْتَحِقِّهِ ، وَتَخْلِيصُ سَائِرِ الْحُقُوقِ ، وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَنْ يَجُوزُ لَهُ إيقَاعُهُ عَلَيْهِ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَالتَّنْفِيذُ غَيْرُ الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ ، فَالثُّبُوتُ هُوَ الرُّتْبَةُ الْأُولَى ، وَالْحُكْمُ هُوَ الرُّتْبَةُ الْوُسْطَى ، وَالتَّنْفِيذُ هُوَ الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ .

وَلَيْسَ كُلُّ الْحُكَّامِ لَهُمْ قُوَّةُ التَّنْفِيذِ لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ الضَّعِيفُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْجَبَابِرَةِ فَهُوَ يُنْشِئُ الْإِلْزَامَ ، وَلَا يَخْطِرُ لَهُ تَنْفِيذُهُ ؛ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، فَالْحَاكِمُ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَاكِمٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْإِنْشَاءُ ، وَأَمَّا قُوَّةُ التَّنْفِيذِ فَأَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى كَوْنِهِ حَاكِمًا ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحَكَّمَ لَيْسَ لَهُ قُوَّةُ التَّنْفِيذِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي الرُّتْبَةِ السَّادِسَةِ مِنْ رُتَبِ الْوِلَايَةِ .) .

و في كتاب ( معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام ) ( وَ أَنَا أَذْكُرَ هَاهُنَا قَاعِدَةً فَأَقُولُ : الْقَاضِي الْمُعْتَبَرُ حُكْمُهُ تَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى الثُّبُوتِ وَتَارَةً يُضِيفُ إلَيْهِ حُكْمًا أَوْ يَذْكُرُ الْحُكْمَ مُجَرَّدًا ، وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَدَّمَهُ ثُبُوتٌ .

فَالْحَالَةُ الْأُولَى وَهِيَ أَنْ يَقْتَصِرَ فَتَارَةً يُضِيفُ الثُّبُوتَ إلَى السَّبَبِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ الْحُكْمُ ، وَتَارَةً يُضِيفُ الثُّبُوتَ إلَى الْحُكْمِ نَفْسِهِ فَهُمَا قِسْمَانِ .

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : أَنْ يُضِيفَهُ إلَى السَّبَبِ كَإِثْبَاتِ جَرَيَانِ عَقْدِ الْوَقْفِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ النِّكَاحِ وَنَحْوِهَا هَذَا غَالِبُ مَا يَقَعُ مِنْ الثُّبُوتِ ، وَقَدْ يَقُولُ الْقَاضِي : ثَبَتَ عِنْدِي قِيَامُ الْبَيِّنَةِ بِهَذِهِ الْعُقُودِ أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي الْإِقْرَارُ بِهَا أَوْ

بِالدَّيْنِ مَثَلًا ، فَالْبَيِّنَةُ وَالْإِقْرَارُ لَيْسَا بِسَبَبَيْنِ لِلْحُكْمِ بَلْ لِإِثْبَاتِهِ يَعْنِي : أَنَّهُمَا سَبَبَانِ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ لَا لِلْحُكْمِ .

فَحَقِيقَةُ ثُبُوتِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ تَزْكِيَتُهَا وَقَبُولُهَا ، وَقَدْ تَرَدَّدَ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ أَوْ لَيْسَ بِحُكْمٍ .

وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ حُكْمٌ ، وَلَا يُتَّجَهُ فِي مَعْنَى كَوْنِهِ حُكْمًا إلَّا أَنَّهُ حُكْمٌ بِتَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ وَقَبُولِهَا وَجَرَيَانِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمَشْهُودِ بِهِ ، وَأَمَّا صِحَّتُهُ أَوْ الْإِلْزَامُ بِشَيْءٍ ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ الْإِلْزَامُ .

وَذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ وَقَالَ : هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ .

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ : وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الثُّبُوتَ يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُثْبِتَ بَاطِلًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ } وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يُثْبِتُ الشَّيْءَ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي كَوْنِهِ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا ، وَقَدْ يُثْبِتُ الشَّيْءَ الْبَاطِلَ .

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ : إنَّهُ قَدْ يُثْبِتُ مَا يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ لِيَنْظُرَ غَيْرُهُ فِيهِ ، أَمَّا إثْبَاتُ مَا يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ لَا لِقَصْدِ الْإِبْطَالِ وَلَا لِيَنْظُرَ غَيْرُهُ فِيهِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ .

قَالَ السُّبْكِيُّ : وَالْحَقُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الثُّبُوتَ لَيْسَ حُكْمًا بِالثَّابِتِ ، بَلْ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا بِثُبُوتِهِ : يَعْنِي بِجَرَيَانِ الْعَقْدِ وَصُدُورِهِ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ .

وَقَدْ يَقَعُ فِي أَلْفَاظِ الْحُكَّامِ لِيُسَجِّلْ بِثُبُوتِهِ وَالْحُكْمُ بِمَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ ، فَمَا إنْ كَانَتْ مَصْدَرِيَّةً فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْصُولَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ فَهُوَ كَإِثْبَاتِ جَرَيَانِ الْعُقُودِالْمَشْهُودِ بِهَا وَجَعْلِ الثُّبُوتِ حُكْمًا فِيمَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ هُوَ الْعُقُودُ أَقْوَى مِنْهُ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ قِيَامَ الْبَيِّنَة ، وَفِي مِثْلِ قَوْلِهِ " ثَبَتَ بِمَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ " ، وَقَدْ يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَالْكُلُّ ضَعِيفٌ .

الْقِسْمُ الثَّانِي : أَنْ يُضِيفَ الثُّبُوتَ إلَى الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ " ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ وَقْفٌ أَوْ مِلْكُ فُلَانٍ ، أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ ، فَهَذَا مِثْلُ الْحُكْمِ فَلَا يُمْكِنُ التَّعَرُّضُ لِنَقْضِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ جَرَيَانُ عَقْدٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ " ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ زَوْجَةُ فُلَانٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ " ، فَحِينَئِذٍ يَعُودُ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ أَوْ لَا ، وَيَقْوَى جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ .

فَإِنْ قُلْنَا : إنَّهُ حُكْمٌ امْتَنَعَ عَلَى حَاكِمٍ آخَرَ إبْطَالُهُ وَإِنْ قُلْنَا : إنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ لَمْ يَمْتَنِعْ ….. ) .

قال العز بن عبد السلام ( فَائِدَةٌ ) لَيْسَ قَوْلُ الْحَاكِمِ ( يَثْبُتُ عِنْدِي ) حُكْمًا بِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ إذَا أَطْلَقْت لَفْظَ الثُّبُوتِ فَإِنَّمَا أَعْنِي بِهِ الْحُكْمَ بِالْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ عِنْدِي ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ، فَمَنْ قَضَى بِأَنَّ لَفْظَ الثُّبُوتِ إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ كَلَفْظِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَقَدْ أَخْطَأَ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَةَ الْمُتَرَدِّدَةَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ حَكَمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ حَمْلُهَا عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةً فِيهِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُهَا .

وَلَفْظُ الثُّبُوتِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ الْحُكْمِ وَيُعَبِّرُ بِهِ الْأَكْثَرُونَ عَنْ غَيْرِ الْحُكْمِ ، فَمِنْ أَيْنَ لِمَنْ لَمْ يَقْضِ بِأَنَّ مُطْلَقَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ إنَّمَا أَطْلَقَهَا بِإِزَاءِ الْحُكْمِ ، وَحَمْلُ الْمُجْمَلِ عَلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ فَمَا الظَّنُّ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ ، وَلَا وَقْفَةَ عِنْدِي فِي نَقْضِ حُكْمِ مَنْ يَحْكُمُ بِأَنَّ الْإِثْبَاتَ حُكْمٌ ، لِمُخَالَفَتِهِ الْقَاعِدَةَ الْمَجْمَعَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فِي مَنْعِ حَمْلِ اللَّفْظَةِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهَا الْمُتَسَاوِيَيْنِ ، أَوْ عَلَى الْمَعْنَى الْمَرْجُوحِ ، وَالْقَوْمُ يَسْمَعُونَ أَلْفَاظًا لَمْ يَعْرِفُوا مَعَانِيَهَا وَلَا مَأْخَذَهَا فَيَخْتَارُونَ بِلَا عِلْمٍ .

بَلْ لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ . ) .

فالسلطان قد يطلب من صاحب الحق البينة على أن المتخاصم فيه حقه و هذا ليس من باب التحاكم إلى الطاغوت إنما من باب الثبوت أي التثبت و لا يلزم أنه في شرع هذا السلطان أنه يقضي لمن جاء بالبينة بحقه فمتى ما ثبت عند السلطان أنه صاحب الحق سلمه له فيسلمه لا من أجل الفصل في هذه القضية بخلاف شرع الله بل من أجل أنه ثبت عنده أنه حقه فيسلمه له و كما ذكرت قد يحدث مثل هذا في دول الكفر اليوم فمن تفقد سيارته أو يضيع طفل له أو يفقد أموال له فيستعين بالسلطان الكافر للبحث عن ما فقده فإذا وجدها هذا السلطان الكافر فإنه يطالب بما يثبت أنها ملكه أو أن المفقود ولده فإذا قدم ما يثبت أنه ملكه أو أن المفقود ولده لا يكون بذلك متحاكم للطاغوت بل مثبت للكفار ملكيته .

فهذه الصورة هي في مسلم طلب من السلطان الكافر أن ينصره على خصمه لأنه أخذ حقه و السلطان لم يعطه حقه حتى يأتي بما يثبت له أنه حقه فإذا جاء بما يثبت ذلك سلمه السلطان حقه كما قال الشيباني رحمه الله ( فَإِنْ اخْتَصَمَا إلَى مَلِكِهِمْ فَجَحَدَ الْغَاصِبُ وَقَالَ : هَذَا مِلْكِي , مَا أَخَذْته مِنْهُ فَأَقَرَّهُ مَلِكُهُمْ فِي يَدِهِ , حَتَّى يَأْتِيَ الْمُسْلِمُ بِحُجَّةٍ ) .

و الله أعلم .











الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عمران
عضو نشيط



عدد الرسائل : 37
تاريخ التسجيل : 04/11/2008

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف Empty
مُساهمةموضوع: رد: توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف   توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف I_icon_minitimeالجمعة 17 يوليو - 16:25

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :

قال الشوكاني (1173-1250هـ) : ( وحاصله أن الذي يجب علينا عند الوقوف على شيء مما فيه ما لا يجوز اعتقاده من مؤلفات المتقدمين أو أشعارهم أو خطبهم أو رسائلهم أن نحكم على ذلك الموجود بما يستحقه ويقتضيه ، ونوضح للناس ما فيه ونحذرهم عن العمل به والركون إليه ، ونكل أمر قائله إلى الله مع التأويل له بما يمكن وإبداء المعاذير له بما لا يرده الفهم ويأباه العقل ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (1196-1285هـ) : ( وأما قوله : ( ولو أن عبارات أهل العلم مثل البيضاوي وأبي السعود والقسطلاني وأمثالهم تجدي إليكم شيئا لذكرناها لكنها تمحى بلفظة واحدة وهي أنهم كلهم كفار فلا نقبل منهم أحداً ومن هذه حاله فلا حيلة به ) ، فالجواب : أنه ليس للبيضاوي ومن ذكر عبارات تخالف ما قاله السلف والعلماء في معنى الآيات ومعاذ الله أن يقول المجيب إن هؤلاء كفار ولا يوجد عن أحد من علماء المسلمين أنه كفَّر أحداً قد مات من هذه الأمة ممن ظاهره الإسلام ، فلو وجد في كلامه زلة من شرك أو بدعة فالواجب التنبيه على ذلك ، والسكوت عن الشخص لما تقدم من أنا لا ندري ما خاتمته اهـ
هذا على افتراض ان هذا القول يفضي الى ما قررتموه من تسويغ للشرك و اعذار لفاعله ولا غرابة ان يصدر من امثالكم مثل هذا الهراء فلو علم المتتبع لشبهاتكم تعديكم على الانبياء و حوارييهم لما استغرب عندما يرى تطاولكم على العلماء فالله المستعان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد إبراهيم
نائب المدير
أحمد إبراهيم


عدد الرسائل : 324
تاريخ التسجيل : 28/08/2008

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف Empty
مُساهمةموضوع: رد: توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف   توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف I_icon_minitimeالإثنين 21 سبتمبر - 10:38

إدارة المنتدى

تم نقل هذا الموضوع إلى النسخة الجديدة من منتدى التوحيد الخالص

توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف

فعلى الراغبين في مواصلة الحوار التسجيل في الرابط الجديد لهذا المنتدى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
توضيح كلام الشيباني في السير الكبير عن التحاكم . المخلف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التوحيد الخالص :: منتديات الحوار في مسائل العقيدة :: مسائل الحكم والحاكمية-
انتقل الى: