الموحده مشرف
عدد الرسائل : 664 تاريخ التسجيل : 22/06/2008
| موضوع: حقيقة المعركة الخميس 19 مارس - 3:05 | |
| حقيقة المعركة
... إن أعداء الجماعة المسلمة لم يكونوا يحاربونها في الميدان بالسيف والرمح فحسب ; ولم يكونوا يؤلبون عليها الأعداء ليحاربوها بالسيف والرمح فحسب . . إنما كانوا يحاربونها أولا في عقيدتها . كانوا يحاربونها بالدس والتشكيك , ونثر الشبهات وتدبير المناورات ! كانوا يعمدون أولا إلى عقيدتها الإيمانية التي منها انبثق كيانها , ومنها قام وجودها , فيعملون فيها معاول الهدم والتوهين . ذلك أنهم كانوا يدركون كما يدركون اليوم تماما - أن هذه الأمة لا تؤتى إلا من هذا المدخل ; ولا تهن إلا إذا وهنت عقيدتها ; ولا تهزم إلا إذا هزمت روحها ; ولا يبلغ أعداؤها منها شيئا وهي ممسكة بعروة الإيمان , مرتكنة إلى ركنه , سائرة على نهجه , حاملة لرايته , ممثلة لحزبه , منتسبة إليه , معتزة بهذا النسب وحده .
ومن هنا يبدو أن أعدى أعداء هذه الأمة هو الذي يلهيها عن عقيدتها الإيمانية , ويحيد بها عن منهج الله وطريقه , ويخدعها عن حقيقة أعدائها وحقيقة أهدافهم البعيدة . إن المعركة بين الأمة المسلمة وبين أعدائها هي قبل كل شيء معركة هذه العقيدة . وحتى حين يريد أعداؤها أن يغلبوها على الأرض والمحصولات والاقتصاد والخامات , فإنهم يحاولون أولا أن يغلبوها على العقيدة , لأنهم يعلمون بالتجارب الطويلة أنهم لا يبلغون مما يريدون شيئا والأمة المسلمة مستمسكة بعقيدتها , ملتزمة بمنهجها , مدركة لكيد أعدائها . . ومن ثم يبذل هؤلاء الأعداء وعملاؤهم جهد الجبارين في خداع هذه الأمة عن حقيقة المعركة , ليفوزوا منها بعد ذلك بكل ما يريدون من استعمار واستغلال , وهم آمنون من عزمة العقيدة في الصدور !
وكلما ارتقت وسائل الكيد لهذه العقيدة , والتشكيك فيها , والتوهين من عراها , استخدم أعداؤها هذه الوسائل المترقية الجديدة . ولكن لنفس الغاية القديمة: (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم !!!). . فهذه هي الغاية الثابتة الدفينة ! لهذا كان القرآن يدفع هذا السلاح المسموم أولا . . كان يأخذ الجماعة المسلمة بالتثبيت على الحق الذي هي عليه ; وينفي الشبهات والشكوك التي يلقيها أهل الكتاب ; ويجلو الحقيقة الكبيرة التي يتضمنها هذا الدين ; ويقنع الجماعة المسلمة بحقيقتها وقيمتها في هذه الأرض , ودورها ودور العقيدة التي تحملها في تاريخ البشرية .
وكان يأخذها بالتحذير من كيد الكائدين , ويكشف لها نواياهم المستترة ووسائلهم القذرة , وأهدافهم الخطرة , وأحقادهم على الإسلام والمسلمين , لاختصاصهم بهذا الفضل العظيم . . وكان يأخذها بتقرير حقيقة القوى وموازينها في هذا الوجود . فيبين لها هزال أعدائها , وهوانهم على الله , وضلالهم وكفرهم بما أنزل الله إليهم من قبل وقتلهم الأنبياء . كما يبين لها أن الله معها , وهو مالك الملك المعز المذل وحده بلا شريك . وأنه سيأخذ الكفار [ وهو تعبير هنا عن اليهود ] بالعذاب والنكال ; كما أخذ المشركين في بدر منذ عهد قريب .
وكانت هذه التوجيهات تتمثل في أمثال هذه النصوص: * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم . نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه , وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس , وأنزل الفرقان . إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد , والله عزيز ذو انتقام . إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء). . * (إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار . كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب . قل للذين كفروا:ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد . قد كان لكم آية في فئتين التقتا:فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين . والله يؤيد بنصره من يشاء . إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار). .
* (إن الدين عند الله الإسلام , وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم , ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب). . * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). .
* (قل اللهم مالك الملك , تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء , وتعز من تشاء وتذل من تشاء , بيدك الخير , إنك على كل شيء قدير). . * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين . ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه , وإلى الله المصير). . * (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين). . * (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ?). .
* (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين . وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ? ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم).
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون . واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا . واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم , فأصبحتم بنعمته إخوانا . وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها , كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون . . .). . * (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله . ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم , منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون . لن يضروكم إلا أذى , وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون . ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا - إلا بحبل من الله وحبل من الناس - وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة . ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق , ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون). .
* (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا . ودوا ما عنتم . قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر . قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون . ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم , وتؤمنون بالكتاب كله . وإذا لقوكم قالوا:آمنا , وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ . قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور . إن تمسسكم حسنة تسؤهم , وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها . وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا . إن الله بما يعملون محيط). ومن هذه الحملة الطويلة التي اقتطفنا منها هذه الآيات , وتنوع توجيهاتها وتلقيناتها تتبين عدة أمور:
أولها: ضخامة الجهد الذي كان يبذله أهل الكتاب في المدينة وغيرها , وعمق الكيد وتنوع أساليبه , واستخدام جميع الوسائل لزعزعة العقيدة وخلخلة الصف المسلم من ورائها . وثانيها: ضخامة الآثار التي كان هذا الجهد يتركها في النفوس وفي حياة الجماعة المسلمة , مما اقتضى هذا البيان الطويل المفصل المنوع المقاطع والأساليب . وثالثها: هو ما نلمحه اليوم من وراء القرون الطويلة . من أن هؤلاء الأعداء هم الذين يلاحقون هذه الدعوة وأصحابها في الأرض كلها ; وهم الذين تواجههم هذه العقيدة وأهلها . ومن ثم اقتضت إرادة الحكيم الخبير أن يقيم هذا المشعل الهادي الضخم البعيد المطارح لتراه الأجيال المسلمة قويا واضحا عميق التركيز على كشف الأعداء التقليديين لهذه الأمة ولهذا الدين ! ا المصدر موقع الشاذلي | |
|