بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة و السلام على خاتم المرسلين و على اله و صحبه أجمعين و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين
هذه قصيدة قرأتها فأعجبتني و أردت أن أنقلها لكم عسى الله أن ينفعنا بها و إياكم بها.
ليس الغريب غريب الشام و اليمن إن الغريب غريب اللحد و الكفن
إن الغريب له حق غربته على المقيمين في الأوطان و السكن
سفري بعيد و زادي لن يبلغّني و قوتي ضعفت و الموت يطلبني
و لي بقايا ذنوب لست اعلمها الله يعلمها في السر و العلن
ما احلم الله عني حيث أمهلني و قد تماديت في ذنبي و يسترني
تمر ساعات أيامي بلا ندم و لا بكاء و لا خوف و لا حزن
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهدا على المعاصي و عين الله تنظرني
يا زلة كتبت في غفلة ذهبت يا حسرة بقيت في القلب تحرقني
دعني أنوح على نفسي و اندبها و اقطع الدهر بالتذكير و الحزن
كأنني بين تلك الأهل منطرحا على الفراش و أيديهم تقلبني
و قد أتوا بطبيب كي يعالجني و لم ار الطب هذا اليوم ينفعني
و اشتد نزعي و صار الموت يجذبها من كل عرق بلا رفق و لا هون
واستخرج الروح مني في تغرغرها و صار ريقي مريرا حين غرغرني
و غمّضوني و راح الكل و انصرفوا بعد الاياس و جدّوا في شرا الكفن
و قام من كان حبّ الناس في عجل نحو المغسّل يأتيني يغسّلني
و قال يا قوم نبغي غاسلا حذقا حرا أريبا لبيبا عارفا فطن
فجاءني رجل منهم فجردني من الثياب فاعراني و افردني
و أودعوني على الألواح منطرحا و صار فوقي خرير الماء ينظفني
و ألبسوني ثيابا لا أكمام لها و صار زادي حنوطي حين حنّطني
و أخرجوني من الدنيا فوا أسفا على رحيل بلا زاد يبلغّني
و حملوني على الأكتاف أربعة من الرجال و خلفي من يشيعني
و قدّموني إلى المحراب و انصرفوا خلف الإمام فصلى ثم ودّعني
صلوا علي صلاة لا ركوع لها و لا سجود لعلّ الله يرحمني
و أنزلوني إلى قبري على مهل و قدّموا واحدا منهم يلحّدني
و كشف الثوب عن وجهي لينظرني و اسكب الدمع من عينيه أغرقني
فقام محترما بالعزم مشتملا و صفّف اللين من فوقي و فارقني
و قالوا هلّوا عليه الترب و اغتنموا حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
في ظلمة القبر لا أم هناك و لا أب شفيق و لا أخ يؤنسني
فريد وحيد القبر يا أسفا على الفراق بلا عمل يزوّدني
وهالني صورة في العين إذ نظرت من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر و نكير ما أقول لهم قد هالني أمرهم جدا فأفزعني
و أقعدوني و جدّوا في سؤالهم مالي سواك إلهي من يخلّصني
فامنن علي بعفو منك يا أملي فإنني موثق بالذنب مرتهن
تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا و صار وزري على ظهري أثقلني
و استبدلت زوجتي بعلا لها بدلا و حكّمته في الأموال و السكن
و صيّرت ولدي عبدا ليخدمها و صار مالي حلّا لهم بلا ثمن
فلا تغرنّك الدنيا و زينتها و انظر إلى فعلها في الأهل و الوطن
و انظر الى من حوى الدنيا باجمعها هل راح منها بغير الحنط و الكفن
خذ القناعة من دنياك و ارض بها لو لم يكن لك إلا راحة البدن
يا زارع الخير تحصد بعده ثمرا يا زارع الشر موقوف على الوهن
يا نفس كفّي عن العصيان و اكتسبي فعلا جميلا لعلّ الله يرحمني
يا نفس ويحك توبي و اعملي حسنا عسى تجازين بعد الموت بالحسن
ثم الصلاة على المختار سيدنا ما وصّا البرق في شام و في يمن
و الحمد لله ممسينا و مصبحنا بالخير و العفو و الإحسان و المنن.