باسم الله الرحمن الرحيم
قوله: فالواقع مثل
الحكم الشرعي تماما في نوع الأدلة من حيث أن فيه أمور متواترة وأمور قطيعة أو قريبة من القطع وأخرى ظنية أو مرجوحة وأخرى مشكوك فيها لامرجح لها ..
ولربما إشتبه الكلام حينما نقول / حكم ظني أو حكم بغلبة الظن../ فيحسب أننا نتحدث عن الواجب الشرعي نفسه ، ولكننا نصف في الواقع ونوعيته وأحكامه .. كمقدمة ضرورية للدليل الصحيح ..
حيث أنك إذا بحث وتفحصت في
الواقع ستجد أن هناك أمرين أمامك لاثالث لهما ..
* أناس عرفت حالهم ( من إسلام أو كفر ) .
* وأخرين
لم تعرف حالهم .
ولاخلاف في النوع الأول في القطع الظاهر من حاله ..
وبقى النوع الأخر وهو مربط الفرس في مسئلتنا هذه .
وحمدا لله أنك ذكرتنا الأية التي تنهى عن عدم الوقوف
بما ليس لنا به علم { وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } الإسراء36
فهذا شخص
لانعلم عن معتقده شيئا
ولانقطع عليه بشيء لا إسلام ولاكفر
- تنبيه : ليس هذا هو الحكم النهائي فيمن لانعرف حاله لا .. هذا
فقط شرح لطريق الوصول للغاية من الحكم بغلبة الظن وليس القطع .. فلسنا نتوقف فيمن لانعرف حاله هذه هي النتيجة .. (و ليس لأنه في حقيقة أمره الباطن كذلك لا !! بل نعلم أنه مامن ابن آدم إلا وله عبودية ما بحق أو باطل . ولكن قد قصر علمنا عن معرفة حاله.. والله بكل شيء عليم )
ومن التمحص في الواقع أيضا ستجد أن
غالبية من يكونوا في بلد يجمعهم نفس الحال .. كذلك في الأطفال مع مربيهم ) الأبوان أو السابي ) .. نقول
الأغلب ولا يمكن أبدا أبدا أن نقول
قطعا ويقينا . ومن ذا الذي يقطع على شعب أنه ليس فيهم رجل رشيد ..!!؟؟ ( إلا أن يكون بوحي من العليم الخبير الذي قد أحاط بكل شيء علما أو تمكن من عدهم أو التعرف عليهم جميعا ..
هناك نعم يكون القطع بالحال حتى من لانعرفه لأننا عرفنا أن
الكل نفس المعتقد والعمل عن يقين وعلم بهم جميعا.)
وهذا يتضمن إجابة السؤال الثاني أيضا فتدبره أخي .. مع أن في السؤال نفسه إجمال لابد من تفصيله لكي يتبين المقصود ويتجلى الحق .. ذلك في قولك ) هل
يسعكم جهل ماعليه
الناس اليوم )
فهل المقصد كل الناس أم
معظمهم على الكفر ؟ وهل تقصد جهلنا
العام بما عليه
أغلبية الناس أم
كل فرد بعينه ؟
فإن كنت تقصد ماعليه معظم الناس (
وليس كلهم ) فنعم والله لايسع أحد جهله فقد فاح الكفر وباح .. وهذا مانقوله وقلناه ونقصده في كل مباحثنا في هذه المسئلة .. حين نقول ) غالب الظن أو الغالب الأكثري أو أكثر الناس ونحوه)
ولكن بالمقابل لايسعنا أبدا جهل أن هناك طائفة منصورة وأن هناك بقية منتشرة في بقاع الأرض ( مثلك ومن معك وغيرهم ) وأن النسمة الطيبة التي تأخذ كل المؤمنين لم تهب بعد .. ولم تحدث حادثة عظيمة لم تذر على الأرض من الكافرين ديارا .. ولم يقضى الأمر بعد بدخول المؤمنين لدار النعيم والكافرين لدار الحجيم .
فأفهموا عنا هذا بارك الله فيكم ولاتعرضوا عنه .
أما إن كنت تقصد ماعليه (
كل الناس ) فهذا نعم يسعنا ويسعكم جهله . فقد إنقطعت النبوة وسيتّهم
بالغلو كل من يقول بهذا ونرد عليه قوله المحال ..!!؟
أقول: أنا الذي أعتقد بأن الأصل في الناس من حولي الكفر وأعتقد في كفر المتوقف فيهم لا شيء يدعوني لأن أقطع بكفر كل فرد منهم يقينا وقطعا.وحتى من يتمكن من عدّهم والتعرّف عليهم جميعا لا يمكنه أن يقطع بكفر أحد يعرفه، فما بالك بمن لا يعرفه؟ وإن علم بأن الكل على نفس المعتقد والعمل، فمنهم من يكتم إيمانه، وليس هناك قطع بأن كفر من تعرفه دائم لا يتوب منه، ولا يمكن امتحانهم في كل لحظة. كلامكم يتقاطع مع كلام المتوقفين، وتنطلقون من منطلقاتهم، ولذلك لا يلام من لم يفهمكم، إذ تظنون أنه وسطية بين الإفراط والتفريط، بينما هو تذبذب وإمساك للعصا من الوسط .فبينما تقولون أن الحكم بتبعية الرجل لقومه تحل محل النص والدلالة إذا انعدما، تجعلون من التبعية أمرا خلافيا، وترون أن الحكم المتفق عليه الذي يكفر مخالفه هو الحكم بالنص أو التبعية فقط، فمن أباح لكم التفريق بين هذا وذاك ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرق بينهما؟ عن عمران بن حصين. قال: كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل. فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيل. وأصابوا معه العضباء. فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق. قال: يا محمد! فأتاه. فقال (ما شأنك؟) فقال: بم أخذتني؟ وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال (إعظاما لذلك) (أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف) ثم انصرف عنه فناداه. فقال: يا محمد! يا محمد! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا. فرجع إليه فقال (ما شأنك؟) قال: إني مسلم. قال (لو قلتها وأنت تملك أمرك، أفلحت كل الفلاح) ثم انصرف. فناداه. فقال: يا محمد! يا محمد! فأتاه فقال (ما شأنك؟) قال: إني جائع فأطعمني. وظمآن فاسقني. قال: (هذه حاجتك) ففدي بالرجلين. رواه مسلم وأبو داود والدارمي
وعن زيد بن أسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق، يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: نصد هؤلاء كما صدنا أصحابهم. فأنزل الله هذه الآية {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}. رواه ابن أبي حاتموعن جُندب بن مكيث قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه بن غالب الليثي في سريَّةٍ وكنت فيهم، وأمرهم أن يَشُنُّوا الغارة على بني المُلَوَّحِ بالكديد، فخرجنا حتى إذا كنّا بالكديد لقينا الحارث بن البرصاء الليثيُّ فأخذناه فقال: إنما جئت أريد الإِسلام، وإنما خرجت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلنا: إن تكن مسلماً لم يضرَّك رباطنا يوماً وليلة، وإن تكن غير ذلك نستوثق منك، فشددناه وثاقاً. رواه أبو داود والبيهقي والحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
والشاهد من هذه النصوص وغيرها كثير أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لم يفرّقوا بين من يعرفونه بكفره شخصيا ومن لا يعرفونه ممن يعيش بين الكفار.قوله: وتجد هذا في القرآن كثير كقوله تعالى {
ومأكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين{ { وَمَا يُؤْمِنُ
أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }يوسف 106{ وَمَا وَجَدْنَا
لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا
أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ }الأعراف102{ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا
وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ }النحل83….......
فأنظر بتدبر يرحمك الله ماقاله الله تعالى عن الناس في هذه الآيات الكريمات وتنور بالدليل الذي طلبت > البقرة 100/ آل عمران /110 المائدة /103 الأنعام 37 ،/ 111 الأعراف 17 ،102 ، /131 الأنفال /34 التوبة /8 يونس 36 ،55 ،/60 يوسف /107 النحل 75 ،83 ، /101 الأنبياء /24 المؤمنون /70 الفرقان /44 الشعراء 8، 67 ،103 ، 121، 139، 158، 174 ، 190، /223 النمل 61 ، /73 القصص 13، /57 العنكبوت /63 الروم /42 لقمان /25 سبا/41 يس /7 الزمر 29 ، /49 فصلت /4 الدخان39 /الحجرات / 4 الطور 47 .
ستجد وصف الكثرة وليس الكل .. مع أن الله تعالى أحيانا يذكر لفظ الناس ويراد به القلة منهم كما في آية الأنفال 26 {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ
قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ
النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ
النَّاسُ إِنَّ
النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران 173فالذي أخبر هو نعيم ابن مسعود الأشجعي بعتثه قريش ليخوف المسلمين بعد أحد . فليس المقصود
بالناس الذين قالوا ههنا كل الناس ولكن نعيم ومن أرسله فقط . والمقصود بالذين
جمعوا هم جيش قريش فقط وليس كل الناس .
وأيضا ستجد أن الله تعالى يذكر أحيانا الأرض وقد خلت من الكفار تماما كما حدث بعد إغراق قوم نوح جميعا .. فهناك يكون
القطع الظاهر وليس بالأكثر والغالب .
أقول: إذا صح هذا الإستدلال فهو دليل على وجوب التوقف مادمنا غير متأكدين من عدم وجود من يخالفهم في الدين، ولا نعتقد بكفر أحدهم بالتبعية حتى نتيقن من عدم وجود مسلمين بينهم.